ج ٩، ص : ٨٤٨
يأتمرون فيما بينهم، ليتفقوا على الكيد الذي يكيدون به لرسول اللّه، ولآيات اللّه.
ـ وقوله تعالى :« الَّذِينَ ظَلَمُوا » هو بدل من الضمير فى « أَسَرُّوا ».
. أي أن هؤلاء الذين أسرّوا النجوى، هم ظالمون، قد ظلموا أنفسهم بعزلها عن موارد الهدى، وقطعها عن مناهل الخير..
ـ وقوله تعالى :« هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ.. أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ » هو بيان لما تناجى به القوم، وأتمروا فيما بينهم على اصطياده، من واردات أوهامهم، وضلالاتهم.. « هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ » ؟ وإذا كان بشرا مثلنا فكيف يكون له هذا المكان الذي يطلّ عليكم منه، من هذا العالم العلوىّ ؟
« أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ » ؟ وإذا فكيف نقبل على أنفسنا أن نجىء إلى هذا الخداع ونحن نراه رأى العين ؟
وهل يليق بعاقل أن يرى من يدعوه إلى ختله، ولا يحتيال عليه، ثم يأتيه طائعا ؟ هكذا يريدون هذا اللّغو، ويسمرون به! قوله تعالى :« قالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ».
قرىء :« قل ربى يعلم القول فى السماء والأرض ».
وعلى كلتا القراءتين، فإن الآية ردّ على ما تناجى به المشركون وأسرّوه..
حتى إذا أحكموا نسجه، أعلنوه فى هذا القول المنكر :« هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ.. أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ ».
. وأن اللّه سبحانه يعلم ما أسروا وما أعلنوا، فهو سبحانه يعلم كل ما يقال فى السماء والأرض، وهو « السَّمِيعُ » الذي يسمع نجوى القلوب، « الْعَلِيمُ » الذي يعلم ما تكنّ الضمائر.. « وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ » (١٣ : الملك).