فقالوا إن [ لَنْ ] للنفى على التأبيد أى فى الدنيا والآخرة وفيما ذكره السمرقندى رد عليهم لأن نفى تمنيهم الموت قاصر على الدنيا فقط بدليل قوله تعالى على لسان أهل النار ( وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ) [ الزخرف /٧٧ ] فكما أن نفى تمنيهم قاصر على الدنيا فقط فكذلك نفى الرؤية قاصر على الدنيا فقط، ومن العجيب المبهر أن المعتزلة استدلوا على نفى الرؤية بـ [ لَنْ ] في قوله تعالى ( لَنْ تَرَانِي ) [ الأعراف/١٤٣ ] و [ لا ] في قوله تعالى ( لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ ) [ الأنعام/١٠٣ ] والقرآن نفى تمنى اليهود الموت بـ [ لَنْ ] فى قوله تعالى ( وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا ) [ البقرة /٩٥ ] و [ لا ] في قوله تعالى ( وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا ) [ الجمعة / ٧ ].
فتأمل هذه اللطيفة ـ أسعدك الله بتقواه ومتعك في الجنة برؤياه ـ هذا وقد حاولت جاهدا ذكر كلام السادة المفسرين بعباراتهم الرشيقة كما وردت خوفا من الوقوع في الزلل، ولم أتصرف فيها إلا في القليل النادر، والنادر لا حكم له، مثل حذف الأسانيد مراعاة للإيجاز وتيسيرا على القارىء، فإنه أقرب لفهم المراد، وكذلك لم أذكر ترجيح بعض الأقوال على بعض إلا من خلال كلام المفسرين إلا في النادر أيضا، وقد رجعت فى كتابى هذا إلى مئات الكتب في مختلف الفنون بالإضافة إلى جميع كتب التفسير وعلوم القرآن المتاحة تحت يدى.


الصفحة التالية
Icon