فصل فى القول بخلق القرآن


قال الحارث المحاسبى رحمه الله تعالى :
ولقد جامعنا قوم من أهل الضلال على ذلك لئلا يقع النسخ من الله عز وجل في أخباره ومدحه وإنما يقع النسخ في أحكامه ثم جهلوا إذ أرادوا أن يقووا قولهم بأن كلام الله مخلوق فزعموا أن الله عز وجل قد ينسخ كلامه بكلامه فيما أمر به ونهى عنه وكان مما استدلوا به أنه كلام مخلوق أنه ينسخ بعضه ببعض
قالوا ولو لم يكن مخلوقا ما جاز عليه النسخ ولا التبديل
وقد جهلوا المعنى وجاروا عن الحق لأن الله جل وعز لم ينسخ كلامه بكلامه وإنما ينسخ مأمورا به بمأمور به فأبدل أحدهما مكان الآخر وكلاهما كلامه وإنما ينسخ كلامه الأول بكلام منه ثان الكاذب الراجع عما قال فأما إذا كانا جميعا منه فهما حق وصدق فإنما أمرهم بمأمور أوجبه ثم رفعه وبدله بمأمور آخر ألزمهم القيام به وكلاهما كلامه أوجبهما في وقتين مختلفين فالله جل وعز لم يأمر العباد أن يفعلوا كلامه ثم يأمرهم أن يفعلوا كلاما له ثانيا بدلا من الأول وإنما أمرهم بعمل يعملونه ثم بدل لهم عملا آخر ألزمهم إياه ونسخ الأول وجعل الثاني مبدولا به ألم تسمع الله عز وجل يقول لا مبدل لكلماته


الصفحة التالية
Icon