أقول : الآية تشمل ذلك وزيادة ورحم الله الإمام الفخر الرازى فقد قال : وبالجملة فقوله :﴿رَبَّنَا ءَاتِنَا فِى الدنيا حَسَنَةً وَفِي الآخرة حَسَنَةً﴾ كلمة جامعة لجميع مطالب الدنيا والآخرة
وهذا نص كلامه :
أما قوله تعالى :﴿وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا ءَاتِنَا فِى الدنيا حَسَنَةً وَفِي الآخرة حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النار﴾
فالمفسرون ذكروا فيه وجوها أحدها : أن الحسنة في الدنيا عبارة عن الصحة، والأمن، والكفاية والولد الصالح، والزوجة الصالحة، والنصرة على الأعداء، وقد سمى الله تعالى الخصب والسعة في الرزق، وما أشبهه «حسنة» فقال :﴿إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ﴾ [ التوبة : ٥٠ ] وقيل في قوله :﴿قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلا إِحْدَى الحسنيين﴾ [ التوبة : ٥٢ ] أنهما الظفر والنصرة والشهادة، وأما الحسنة في الآخرة فهي الفوز بالثواب، والخلاص من العقاب، وبالجملة فقوله :﴿رَبَّنَا ءَاتِنَا فِى الدنيا حَسَنَةً وَفِي الآخرة حَسَنَةً﴾ كلمة جامعة لجميع مطالب الدنيا والآخرة، روى حماد بن سلمة عن ثابت أنهم قالوا لأنس : ادع لنا، فقال :«اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار» قالوا : زدنا فأعادها قالوا زدنا قال ما تريدون ؟ قد سألت لكم خير الدنيا والآخرة ولقد صدق أنس فإنه ليس للعبد دار سوى الدنيا والآخرة فإذا سأل حسنة الدنيا وحسنة الآخرة لم يبق شيء سواه وثانيها : أن المراد بالحسنة في الدنيا العمل النافع وهو الإيمان والطاعة والحسنة في الآخرة اللذة الدائمة والتعظيم والتنعم بذكر الله وبالأنس به وبمحبته وبرؤيته وروى الضحاك عن ابن عباس أن رجلاً دعا ربه فقال في دعائه :﴿رَبَّنَا ءَاتِنَا فِى الدنيا حَسَنَةً وَفِي الآخرة حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النار﴾ فقال النبي عليه الصلاة والسلام :" ما أعلم أن هذا الرجل سأل الله شيئاً من أمر الدنيا، فقال بعض الصحابة : بلى يا رسول الله إنه قال :«ربنا آتنا في الدنيا حسنة» فقال رسول الله ﷺ، إنه يقول : آتنا في الدنيا عملا صالحاً " وهذا متأكد بقوله تعالى :{والذين يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أزواجنا