ولقد رأيت إخواننا في الدين من أفاضل الفئة الناجية العدلية ( ١ ) الجامعيين بين علم العربية والأصول الدينية كلما رجعوا إلي في تفسير آية فأبرزت لهم بعض الحقائق من الحجب أفاضوا في الاستحسان والتعجب واستطيروا شوقا إلى منصف يضم أطرافا من ذلك حتى اجتمعوا إلي مقترحين أن أملى عليهم الكشف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل فاستعفيت فأبوا إلا المراجعة والاستشفاع بعظماء الدين وعلماء العدل والتوحيد والذي حداني على الاستعفاء على علمي أنهم طلبوا ما الإجابة إليه على واجبه لأنه الخوض فيه كفرض العين ما أرى عليه الزمان من رثاثة أحواله وركاكة رجاله وتقاصر هممهم عن أدنى عدد هذا العلم فضلا أن تترقى إلى الكلام المؤسس على علمي المعاني والبيان فأمليت عليهم مسألة في الفواتح وطائفة من الكلام في حقائق سورة البقرة وكان كلاما مبسوطا كثير السؤال والجواب طويل الذيول والأذناب وإنما حاولت به التنبيه على غزارة نكت هذا العلم وأن يكون لهم منارا ينتحنونه ومثالا يحتذونه فلما صمم العزم على معاودة جوار الله والإناخة بحرم الله فتوجهت تلقاء مكة وجدت في مجتازي بكل بلد من فيه مسكة من أهلها وقليل ما هم عطشى الكباد إلى العثور على ذلك المملى

( ١ ) يقصد المعتزلة.


الصفحة التالية
Icon