وجاء إبراهيم عليه السلام يمتار فقال له : من ربك وإلهك ؟ قال إبراهيم : ربي الذي يحيي ويميت ؛ فلما سمعها نمروذ قال : أنا أُحيي وأُميت ؛ فعارضه إبراهيم بأمر الشمس فبُهِتَ الذي كفر، وقال لا تَمِيروه ؛ فرجع إبراهيم إلى أهله دون شيء فمرّ على كَثِيبِ رملٍ كالدقيق فقال في نفسه : لو ملأت غِرَارتيّ من هذا فإذا دخلت به فرح الصبيان حتى أُنظر لهم، فذهب بذلك فلما بلغ منزله فرح الصبيان وجعلوا يلعبون فوق الغِرارتين ونام هو من الإعْيَاء ؛ فقالت امرأته : لو صنعتُ له طعاماً يجده حاضراً إذا انتبه، ففتحت إحدى الغرارتين فوجدت أحسن ما يكون من الحُوَّارَى فخبزتْه، فلما قام وضعته بين يديه فقال : من أين هذا ؟ فقالت : من الدقيق الذي سُقتَ.
فعلم إبراهيم أن الله تعالى يسر لهم ذلك.
قلت : وذكر أبو بكر بن أبي شيبة عن أبي صالح قال : انطلق إبراهيم النبيّ عليه السلام يمتار فلم يقدر على الطعام، فمرّ بسِهْلَة حمراء فأخذ منها ثم رجع إلى أهله فقالوا : ما هذا ؟ فقال : حنطة حمراء ؛ ففتحوها فوجدوها حنطة حمراء، قال : وكان إذا زرع منها شيئاً جاء سنبله من أصلها إلى فرعها حَبّاً متراكباً.
وقال الرّبيع وغيره في هذا القصص : إن النمروذ لما قال أنا أُحيي وأُميت أحضر رجلين فقتل أحدهما وأرسل الآخر فقال : قد أحييت هذا وأمت هذا ؛ فلما ردّ عليه بأمر الشمس بُهِتَ.
وروي في الخبر : أن الله تعالى قال : وعزَّتي وجلالي لا تقوم الساعة حتى آتي بالشمس من المغرب ليعلم أني أنا القادر على ذلك.
ثم أمر نمروذ بإبراهيم فأُلقِيَ في النار، وهكذا عادة الجبابرة فإنهم إذا عورضوا بشيء وعجزوا عن الحجة اشتغلوا بالعقوبة، فأنجاه الله من النار، على ما يأتي.
وقال السدي : إنه لما خرج إبراهيم من النار أدخلوه على الملك ولم يكن قبل ذلك دخل عليه فكلمه وقال له : من ربك ؟ فقال : ربي الذي يحيي ويميت.


الصفحة التالية
Icon