قوله تعالى :﴿قَد تَّبَيَّنَ الرشد مِنَ الغي﴾
قال الفخر :
﴿تَّبَيَّنَ الرشد مِنَ الغي﴾ أي تميز الحق من الباطل، والإيمان من الكفر والهدى من الضلالة بكثرة الحجج والآيات الدالة، قال القاضي : ومعنى ﴿قَد تَّبَيَّنَ الرشد﴾ أي أنه قد اتضح وانجلى بالأدلة لا أن كل مكلف تنبه لأن المعلوم ذلك وأقول : قد ذكرنا أن معنى ﴿تَّبَيَّنَ﴾ انفصل وامتاز، فكان المراد أنه حصلت البينونة بين الرشد والغي بسبب قوة الدلائل وتأكيد البراهين، وعلى هذا كان اللفظ مُجْرَى على ظاهره. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ١٤﴾
وقال البيضاوى :
﴿ قَد تَّبَيَّنَ الرشد مِنَ الغي ﴾ تميز الإِيمان من الكفر بالآيات الواضحة، ودلت الدلائل على أن الإِيمان رشد يوصل إلى السعادة الأبدية والكفر غي يؤدي إلى الشقاوة السرمدية، والعاقل متى تبين له ذلك بادرت نفسه إلى الإِيمان طلباً للفوز بالسعادة والنجاة، ولم يحتج إلى الإِكراه والإِلجاء. أ هـ ﴿تفسير البيضاوى حـ ١ صـ ٥٥٧﴾
وقال ابن عاشور :
وقوله :﴿ قد تبين الرشد من الغيّ ﴾ واقع موقع العلة لقوله :﴿ لا إكراه في الدين ﴾ ولذلك فصلت الجملة.
والرشد بضم فسكون، وبفتح ففتح الهُدى وسداد الرأي، ويقابله الغيّ والسفه، والغيّ الضلال، وأصله مصدرُ غَوَى المتعدي فأصله غَوْي قلبت الواو ياء ثم أدغمتا.
وضُمّن تبيّن معنى تميز فلذلك عدي بمَن، وإنّما تبيّن ذلك بدعوة الإسلام وظهوره في بلد مستقل بعد الهجرة. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ٢٨﴾
قوله تعالى :﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بالطاغوت ويؤمن بالله فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا﴾
قال ابن عاشور :