وفيه أنه دون ما ادعاه بمراتب لأن الإحياء إفاضة الروح على صورة بعد إيجادها من العدم بأن ﴿قال إبراهيم﴾ وقال الحرالي : ولما كان من حسن الاحتجاج ترك المراء بمتابعة الحجة الملبسة كما قال تعالى ﴿فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهراً﴾ [ الكهف : ٥٣ ] نقل المحاج من الحجة الواقعة في الأنفس إلى الحجة الواقعة في الآفاق بأعظم كواكبها الشمس ﴿سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم﴾ [ فصلت : ٥٣ ] ففي ظاهر الاحتجاج انتقال وفي طيه تقرير الأول لأن الروح شمس البدن فكأنه ضرب مثل من حيث إن الإحياء إنما هو أن يؤتى بشمس الروح من حيث غربت فكان في ظاهر واستقبال حجة قاطعة باطنه تتميم للحجة الأولى قال تعالى :﴿فإن﴾ بالفاء الرابطة بين الكلامين إشعاراً لتتمة الحجة الأولى بالحجة الثانية - انتهى.
أي تسبب عن دعواك هذه أو أقول لك : إن ﴿الله﴾ بما له من العظمة والجلال باستجماع صفات الكمال ﴿يأتي بالشمس﴾ أي وهو الذي أوجدها ﴿من المشرق﴾ أي في كل يوم من قبل أن توجد أنت بدهور ﴿فأت بها﴾ أنت ﴿من المغرب﴾ ولو يوماً واحداً.
قال الحرالي : إظهاراً لمرجع العالم بكليته إلى واحد،
وأن قيوم الإنسان في الإحياء والإماتة هو قيوم الآفاق في طلوع الشمس وغروبها،
وفي لحنه إشعار بأن الله سبحانه وتعالى لا بد وأن يأتي بالشمس من المغرب ليكون في ذلك إظهار تصريفه لها حيث شاء حتى يطلعها من حيث غربت كما يطلع الروح من حيث قبضت ليكون طلوع الشمس من مغربها آية مقاربة قيام الساعة وطلوع الأرواح من أبدانها - انتهى.
﴿فبهت﴾ قال الحرالي : من البهت وهو بقاء الشيء على حاله وصورته لا يتغير عنها لأمر يبهره وقعه أي فتسبب عن ذلك أنه بهت ﴿الذي كفر﴾ أي حصل له الكفر بتلك الدعوى التي لزمه بها إنكاره لاختصاصه سبحانه وتعالى بالقدرة على ذلك وادعاؤه لنفسه الشركة،