الإخراج هنا إن كان حقيقة فيكون مختصاً بمن كان كافراً ثم آمن وإن كان مجازاً فهو مجاز عن منع الله إياهم من دخولهم في الظلمات قال الحسن معنى يخرجهم يمنعهم وإن لم يدخلوا والمعنى أنه لو خلا عن توفيق الله لوقع في الظلمات فصار توفيقه سبباً لدفع تلك الظلمة قالوا ومثل هذه الاستعارة شائع سائغ في كلامهم كما قال طفيل الغنوي فإن تكنِ الأيام أحسنَّ مرة
إليّ فقد عادت لهنّ ذنوب
قال الواقدي كل شيء في القرآن من الظلمات والنور فإنه أراد به الكفر والإيمان غير التي في الأنعام وهو وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ فإنه أراد به الليل والنهار
وقال الواسطي يخرجهم من ظلمات نفوسهم إلى آدابها كالرضا والصدق والتوكل والمعرفة والمحبة
وقال أبو عثمان يخرجهم من ظلمات الوحشة والفرقة إلى نور الوصلة والإلفة
وقال الزمخشري آمنوا أرادوا أن يؤمنوا تلطف بهم حتى يخرجهم بلطفه وتأييده من الكفر إلى الإيمان أو الله ولي المؤمنين يخرجهم من الشبه في الدين إن وقعت لهم بما يهديهم ويوفقهم لها من حلها حتى يخرجوا منها إلى نور اليقين. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٢٩٣﴾
وقال السمرقندى :
﴿ يُخْرِجُهُم مّنَ الظلمات إِلَى النور ﴾، يعني من الكفر إلى الإيمان.
واللفظ لفظ المستقبل والمراد به الماضي، يعني أخرجهم.
ويقال : ثبتهم على الاستقامة كما أخرجهم من الظلمات.
ويقال : يخرجهم من الظلمات، أي من ظلمة الدنيا ومن ظلمة القبر ومن ظلمة الصراط إلى الجنة. (١) أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ١ صـ ١٩٥﴾

_______
(١) الأولى حمل اللفظ على العموم مالم يوجد مخصص. والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon