الأول : قال الواقدي : كل ما كان في القرآن ﴿مِنَ الظلمات إِلَى النور﴾ فإنه أراد به الكفر والإيمان، غير قوله تعالى في سورة الأنعام ﴿وَجَعَلَ الظلمات والنور﴾ [ الأنعام : ١ ] فإنه يعني به الليل والنهار، وقال : وجعل الكفر ظلمة، لأنه كالظلمة في المنع من الإدراك، وجعل الإيمان نوراً لأنه كالسبب في حصول الإدراك.
والجواب الثاني : أن العدول بالمؤمن من النار إلى الجنة أمر واجب على الله تعالى عند المعتزلة فلا يجوز حمل اللفظ عليه. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ١٧ ـ ١٨﴾
قال الآلوسى :
واقتصر الواقدي في تفسير الظلمات، والنور على ذكر الكفر والإيمان وحمل كل ما في القرآن على ذلك سوى ما في الأنعام من قوله تعالى :﴿ وَجَعَلَ الظلمات والنور ﴾ فإن المراد بهما هناك الليل والنهار، والأولى أن يحمل الظلمات على المعنى الذي يعم سائر أنواعها ويحمل النور أيضاً على ما يعم سائر أنواعه، ويجعل في مقابلة كل ظلمة مخرج منها نور مخرج إليه حتى إنه سبحانه ليخرج من شاء من ظلمة الدليل إلى نور العيان، ومن ظلمة الوحشة إلى نور الوصلة، ومن ظلمة عالم الأشباح إلى نور عالم الأرواح إلى غير ذلك " مما لا، ولا" وأفرد النور لوحدة الحق كما أن جمع الظلمات لتعدد فنون الضلال، أو أن الأول : إيماء إلى القلة والثاني : إلى الكثرة. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٣ صـ ١٤﴾
فائدة
قال الخازن :
إنما سمي الكفر ظلمة لالتباس طريقه، ولأن الظلمة تحجب الأبصار عن إدراك الحقائق فكذلك الكفر يحجب القلوب عن إدراك حقائق الإيمان وسمي الإسلام نوراً لوضوح طريقه وبيان أدلته. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ١ صـ ٢٧٢﴾
سؤال : فان قيل : متى كان المؤمنون في ظلمة ؟ ومتى كان الكفار في نور ؟
فعنه ثلاثة أجوبة.


الصفحة التالية
Icon