و : أرني، سؤال رغبة، وهو معمول : لقال، والرؤية هنا بصرية، دخلت على رأى همزة النقل، فتعدّت لاثنين : أحدهما ياء المتكلم، والآخر الجملة الاستفهامية. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٣٠٨﴾

فصل


قال القرطبى :
اختلف الناس في هذا السؤال هل صدر من إبراهيم عن شكّ أم لا ؟ فقال الجمهور : لم يكن إبراهيم عليه السَّلام شاكّاً في إحياء الله الموتى قطُّ وإنما طلب المعانية، وذلك أن النفوس مستشرفة إلى رؤية ما أخبرت به ؛ ولهذا قال عليه السلام :" ليس الخبر كالمعانية " رواه ابن عباس لم يروه غيره ؛ قاله أبو عمر.
قال الأخفش : لم يُرد رؤية القلب وإنما أراد رؤية العين.
وقال الحسن وقَتادة وسعيد ابن جُبير والربيع : سأل ليزداد يقيناً إلى يقينه.
قال ابن عطية : وترجم الطبريّ في تفسيره فقال : وقال آخرون سأل ذلك ربّه ؛ لأنه شك في قدرة الله تعالى.
وأدخل تحت الترجمة عن ابن عباس قال : ما في القرآن آية أرجى عندي منها.
وذُكر عن عطاء بن أبي رَبَاح أنه قال : دخل قلبَ إبراهيم بعضُ ما يدخل قلوب الناس فقال : رب أرني كيف تحيي الموتى.
وذكر حديث أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال :" نحن أحقّ بالشك من إبراهيم " الحديث، ثم رجّح الطبريّ هذا القول.
قلت : حديث أبي هريرة خرّجه البخاريّ ومُسْلم عنه أن رسول الله ﷺ قال :" نحن أحق بالشّك من إبراهيم إذ قال رب أرني كيف تحيي الموتى قال أوَ لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي ويرحم الله لوطاً لقد كان يأوِي إلى ركن شديد ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الدّاعي " قال ابن عطية : وما ترجم به الطبريّ عندي مردود، وما أدخل تحت الترجمة متأوّل ؛ فأما قول ابن عباس :" هي أرجى آية" فمن حيث فيها الإدلال على الله تعالى وسؤال الإحياء في الدنيا وليست مظنة ذلك.
ويجوز أن يقول : هي أرجى آية لقوله " أوَلم تؤمن" أي إن الإيمان كاف لا يحتاج معه إلى تنقير وبحث.


الصفحة التالية
Icon