الآية دلت أن المن والأذى من الكبائر، حيث تخرج هذه الطاعة العظيمة بسبب كل واحد منهما عن أن تفيد ذلك الثواب الجزيل. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ٤٢﴾
قوله تعالى ﴿لَهُمْ أَجْرُهُمْ﴾
قال الفخر :
أما قوله ﴿لَهُمْ أَجْرُهُمْ﴾ ففيه مسائل :
المسألة الأولى : احتجت المعتزلة بهذه الآية على أن العمل يوجب الأجر على الله تعالى، وأصحابنا يقولون : حصول الأجر بسبب الوعد لا بسبب نفس العمل لأن العمل واجب على العبد وأداء الواجب لا يوجب الأجر.
المسألة الثانية : احتج أصحابنا بهذه الآية على نفي الإحباط، وذلك لأنها تدل على أن الأجر حاصل لهم على الإطلاق، فوجب أن يكون الأجر حاصلاً لهم بعد فعل الكبائر، وذلك يبطل القول بالإحباط.
المسألة الثالثة : أجمعت الأمة على أن قوله ﴿لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبّهِمْ﴾ مشروط بأن لا يوجد منه الكفر، وذلك يدل على أنه يجوز التكلم بالعام لإرادة الخاص، ومتى جاز ذلك في الجملة لم تكن دلالة اللفظ العام على الاستغراق دلالة قطعية، وذلك يوجب سقوط دلائل المعتزلة في التمسك بالعمومات على القطع بالوعيد. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ٤٢﴾
سؤال :
فإن قلت : أي فرق بين قوله :﴿ لَهُمْ أَجْرُهُمْ ﴾ وقوله فيما بعد :﴿ فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ ﴾ ؟
قلت : الموصول لم يضمن ههنا معنى الشرط. وضمنه ثمة. والفرق بينهما من جهة المعنى أنّ الفاء فيها دلالة على أنّ الإنفاق به استحق الأجر، وطرحها عار عن تلك الدلالة. أ هـ ﴿الكشاف حـ ١ صـ ٣١٢﴾
وقال البيضاوى :
لعله لم يدخل الفاء فيه وقد تضمن ما أسند إليه معنى الشرط إيهاماً بأنهم أهل لذلك وإن لم يفعلوا فكيف بهم إذا فعلوا. أ هـ ﴿تفسير البيضاوى حـ ١ صـ ٥٦٦﴾