وصالحاً لأن يجعل حالاً من صفوان أي لا يقدرون على شيء ممّا كسبوا منه وحذف عائد الصلة لأنّه ضمير مجرور بما جرّ به اسم الموصول.
ومعنى ﴿لا يقدرون﴾ لا يستطيعون أن يسترجعوه ولا انتفعوا بثوابه فلم يبق لهم منه شيء.
ويجوز أن يكون المعنى لا يحسنون وضع شيء ممّا كسبوا موضعه، فهم يبذلون ما لهم لغير فائدة تعود عليهم في آجلهم، بدليل قوله :﴿الله لا يهدي القوم الكافرين﴾.
والمعنى فتركه صلداً لا يحصدون منه زرعاً كما في قوله :﴿فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها﴾ [ الكهف : ٤٢ ]. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ٤٩ ـ ٥٠﴾
﴿والله لاَ يَهْدِي القوم الكافرين﴾
قال الفخر :
﴿والله لاَ يَهْدِي القوم الكافرين﴾ ومعناه على قولهم : سلب الإيمان، وعلى قول المعتزلة : إنه تعالى يضلهم عن الثواب وطريق الجنة بسوء اختيارهم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ٤٩﴾
وقال أبو حيان :
﴿والله لا يهدي القوم الكافرين﴾ يعني الموافقين على الكفر، ولا يهديهم في كفرهم بل هو ضلال محض.
أو : لا يهديهم في أعمالهم وهم على الكفر، وفي هذا ترجح لمن قال : إن ضرب المثل عائد على الكافر. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٣٢٢﴾
من لطائف الإمام القشيرى فى الآية
إنما يُحْمَلُ جميلُ المنة من الحق سبحانه، فأمَّا من الخلْق فليس لأحد على غيره مِنَّةَ ؛ فإنَّ تحمل المنن من المخلوقين أعظم محنة، وشهود المنة من الله أعظم نعمة، قال قائلهم :
ليس إجلالُكَ الكبار بِذُلِّ... إنما الذُّلُّ أنْ تُجِلَّ الصِّغَارا
ويقال أفقرُ الخلْق مَنْ ظنَّ نفسَه موسِراً فيَبِين له إفلاسه، كذلك أقل الخلْق قدراً من ظن أنه على شيءٍ فيبدو له من الله ما لم يكن يحتسبه. أ هـ ﴿لطائف الإشارات حـ ١ صـ ٢٠٤﴾