ويقال : ترب الرَّجل : افتقر. ومنه :﴿ أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ ﴾ [ البلد : ١٦ ] كأنَّ جلده لصق به لفقره، وأترب، أي : استغنى، كأنَّ الهمزة للسَّلب، أو صار ماله كالتُّراب.
قوله :﴿ فَأَصَابَهُ ﴾ عطفٌ على الفعل الذي تعلَّق به قوله :" عَلَيْهِ "، أي : استقرَّ عليه ترابٌ، فأصابه. والضَّمير يعود على الصَّفوان، وقيل : على التُّراب. وأمَّا الضَّمير في " فَتَرَكَهُ " فعلى الصفوان فقط. وألف " أصَابَه " من واوٍ ؛ لأنه من صاب يصوب.
قوله :﴿ لاَّ يَقْدِرُونَ ﴾ في هذه الجملة قولان :
أحدهما : أنها استئنافية فلا موضع لها من الإعراب.
والثاني : أنها في محلِّ نصب على الحال من " الَّذِي " في قوله :﴿ كالذي يُنْفِقُ مَالَهُ ﴾، وإنما جمع الضَّمير حملاً على المعنى، لأنَّ المراد بالذي الجنس، فلذلك جاز الحمل على لفظه مرَّةً في قوله :" مَالَهُ " و" لاَ يُؤْمِنُ "، " فمثلُه " وعلى معناه أخرى.
وصار هذا نظير قوله :﴿ كَمَثَلِ الذي استوقد نَاراً ﴾ [ البقرة : ١٧ ] ثم قال :﴿ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ ﴾ [ البقرة : ١٧ ]، وقد تقدَّم.
وزعم ابن عطيَّة أنَّ مهيع كلام العرب الحمل على اللَّفظ أولاً، ثم المعنى ثانياً، وأنَّ العكس قبيحٌ، وتقدَّم الكلام معه في ذلك. وقيل : الضَّمير في " يَقْدِرُونَ " عائدٌ على المخاطبين بقوله :﴿ ياأيها الذين آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم ﴾ ويكون من باب الالتفات من الخطاب إلى الغيبة، وفيه بعدٌ.
وقيل : يعود على ما يفهم من السِّياق، أي : لا يقدر المانُّون، ولا المؤذون على شيءٍ من نفع صدقاتهم. وسمَّى الصّدقة كسباً.