ثُمَّ قَالَ : وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَنَافِعٌ وَأَبُو عَمْرٍو وَيَعْقُوبُ " نُنْشِرُهَا " - بِالرَّاءِ - مِنَ الْإِنْشَارِ - وَالْبَاقُونَ - بِالزَّايِ - مِنَ الْإِنْشَازِ. قَالَ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْحِمَارَ مَاتَ : إِنَّ الْمُرَادَ بِالْعِظَامِ هُنَا عِظَامُهُ، وَمَعْنَى نُنْشِزُهَا نَرْفَعُهَا وَنُرَكِّبُ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ، وَمَعْنَى " نُنْشِرُهَا " : نُحْيِيهَا، وَلَا مَنْدُوحَةَ لِمَنْ قَالَ بِأَنَّ الْحِمَارَ كَانَ لَا يَزَالُ حَيًّا مِنَ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِظَامِ جِنْسُهَا.
قَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ : إِنَّهُ بَعْدَ أَنْ أَرَاهُ الْآيَةَ الَّتِي تَكُونُ حُجَّةً خَاصَّةً لِمَنْ رَآهَا نَبَّهَهُ إِلَى الْحُجَّةِ الْعَامَّةِ، وَالدَّلِيلِ الثَّابِتِ الَّذِي يُمْكِنُ أَنْ تَحْتَجَّ بِهِ عَلَى الْبَعْثِ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ، وَهُوَ سُنَّتُهُ - تَعَالَى - فِي تَكْوِينِ الْحَيَوَانِ وَإِنْشَاءِ لَحْمِهِ وَعَظْمِهِ، فَالْإِنْشَاءُ مَعْنَاهُ : التَّقْوِيَةُ، وَالِانْتِشَارُ مَعْنَاهُ : التَّنْمِيَةُ ; لِأَنَّ الَّذِي يَنْمُو يَعْلُو وَيَرْتَفِعُ ; كَأَنَّهُ يَقُولُ : كَمَا أَطْلَعْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْآيَاتِ الْخَاصَّةِ الَّتِي تَدُلُّكَ عَلَى قُدْرَتِنَا عَلَى الْبَعْثِ نَهْدِيكَ إِلَى الْآيَةِ الْكُبْرَى الْعَامَّةِ وَهِيَ كَيْفِيَّةُ التَّكْوِينِ، وَإِنَّمَا