(وَالرَّابِعُ) أَنَّ قَوْلَهُ : ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الطُّيُورَ جُعِلَتْ جُزْءًا جُزْءًا. قَالَ أَبُو مُسْلِمٍ فِي الْجَوَابِ عَنْ هَذَا الْوَجْهِ : إِنَّهُ أَضَافَ الْجُزْءَ إِلَى أَرْبَعَةٍ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْجُزْءِ هُوَ الْوَاحِدُ مِنْ تِلْكَ الْأَرْبَعَةِ. وَالْجَوَابُ أَنَّ مَا ذَكَرْتُهُ وَإِنْ كَانَ مُحْتَمَلًا إِلَّا أَنَّ حَمْلَ الْجُزْءِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَظْهَرُ. وَالتَّقْدِيرُ فَاجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا أَوْ بَعْضًا ". انْتَهَى كَلَامُ الرَّازِّيِّ.
آيَةٌ فَهْمِ الرَّازِّيُّ وَغَيْرُهُ فِيهَا خِلَافَ مَا فَهِمَهُ جَمِيعُ الْمُفَسِّرِينَ مِنْ قَبْلِهِ. وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ : إِنَّ فَهْمَ فِئَةٍ مِنَ النَّاسِ حُجَّةٌ عَلَى فَهْمِ الْآخَرِينَ، عَلَى أَنَّ مَا فَهِمَهُ أَبُو مُسْلِمٍ هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ عِبَارَةِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، وَمَا قَالُوهُ مَأْخُوذٌ مِنْ رِوَايَاتٍ حَكَّمُوهَا فِي الْآيَةِ، وَلِآيَاتِ اللهِ الْحُكْمُ الْأَعْلَى، وَعَلَى مَا فِي تِلْكَ الرِّوَايَةِ هِيَ لَا تَدُلُّ.