الأول : بمعنى القطع ؛ كهذه الآية، أي : قطِّعهنَّ إليك صوراً.
الثاني : بمعنى الريح الباردة، قال تعالى :﴿ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ ﴾ [ آل عمران : ١١٧ ] أي : بردٌ.
الثالث : يعني الإقامة على الشيء ؛ قال تعالى ﴿ وَلَمْ يُصِرُّواْ على مَا فَعَلُواْ ﴾ [ آل عمران : ١٣٥ ]، أي : لم يقيموا، ومثله :﴿ وَكَانُواْ يُصِرُّونَ عَلَى الحنث العظيم ﴾ [ الواقعة : ٤٦ ].
ونقل عن الفرَّاء أيضاً : أنه قال :" صَارَه " مقلوبٌ من قولهم :" صَرَاهُ عَنْ كَذَا "، أي : قطعه عنه، ويقال : صُرْتُ الشيء، فانصار، أي : انقطع ؛ قالت الخنساء :[ البسيط ]
فَلَوْ يُلاَقِي الَّذي لاَقَيْتُهُ حَضِنٌ... لَظَلَّتِ الشُّمُّ مِنْهُ وَهْيَ تَنْصَارُ
أي : تنقطع.
قال المبرد : وهذا لا يصحُّ ؛ لأنَّ كلَّ واحد من اللفظين أصل بنفسه فرع على الآخر.
واختلف في هذه اللفظة : هل هي عربيةٌ، أو معرَّبة ؟ فعن ابن عباس : أنها معرَّبة من النَّبطية، وعن أبي الأسود، أنَّها من السُّريانية، والجمهور على أنها عربيةٌ، لا معرَّبةٌ.
و" إِلَيْكَ " إن قلنا : إِنَّ " صُرْهُنَّ " بمعنى أملهنَّ : تعلَّق به، وإن قلنا : إنه بمعنى : قطِّعهنَّ، تعلَّق بـ " خُذْ ".
ولمَّا فسَّر أبو البقاء " فَصُرْهُنَّ " بمعنى : أَمْلْهُنَّ " قدَّر محذوفاً بعده تقديره : فأملهنَّ إليك، ثم قطِّعهنَّ، ولمَّا فسَّره بقطِّعهن - كما تقدم - قدَّر محذوفاً يتعلَّق به " إِلَى " تقديره : قطِّعهنَّ بعد أن تميلهنَّ إليك. ثم قال :" والأجودُ عندي أن يكون " إليك " حالاً من المفعول المضمر تقديره : فقطِّعهنَّ مقرَّبةً إليك، أو ممالةً، أو نحو ذلك ".