وكل نعمة من فضل ؛ ثم أكد ذلك بقوله :﴿والله﴾ أي المحيط بكل كمال ﴿واسع﴾ لتضمنه معنى حليم غني،
وأتبعه بقوله :﴿عليم﴾ إشارة إلى أنه لا يضيع شيئاً وإن دق.
قال الحرالي : وفي إشعاره توهين لكيد الشيطان ووعد كريم للمفتون بخوف الفقر وعمل الفحشاء لما علمه من ضعف الأنفس وسرعة قبولها من الوسواس - انتهى.
فختم آخر آيات الأمثال بما ختم به أولها ترغيباً وترهيباً. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٥٢٢﴾
قال الفخر :
اعلم أنه تعالى لما رغب الإنسان في إنفاق أجود ما يملكه حذره بعد ذلك من وسوسة الشيطان فقال :﴿الشيطان يَعِدُكُمُ الفقر﴾ أي يقال إن أنفقت الأجود صرت فقيراً فلا تبال بقوله فإن الرحمن ﴿يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مّنْهُ وَفَضْلاً﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ٥٦ ـ ٥٧﴾
فائدة
قال ابن عاشور :
وقدّم اسم الشيطان مسنداً إليه لأنّ تقديمه مؤذن بذمّ الحكم الذي سيق له الكلام وشؤمِه لتحذير المسلمين من هذا الحكم، كما يقال في مثال علم المعاني " السَّفَّاح في دَار صديقك"، ولأنّ في تقديم المسند إليه على الخبر الفعلي تَقَوِّيَ الحُكم وتحقيقه. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ٥٩﴾

فصل


قال الفخر :
اختلفوا في الشيطان فقيل إبليس وقيل سائر الشياطين وقيل شياطين الجن والإنس وقيل النفس الأمارة بالسوء. (١) أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ٥٧﴾

فصل


قال الفخر :
الوعد يستعمل في الخير والشر، قال الله تعالى :﴿النار وَعَدَهَا الله الذين كَفَرُواْ﴾ [ الحج : ٧٢ ] ويمكن أن يكون هذا محمولاً على التهكم، كما في قوله ﴿فَبَشّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ٥٧﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿والله يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً﴾ الوَعْد في كلام العرب إذا أطلق فهو في الخير، وإذا قُيّد بالموعود ما هو فقد يقدّر بالخير وبالشر كالبشارة.
فهذه الآية مما يقيد فيها الوعد بالمعنيين جميعاً.
(١) كل هذه المعانى تحتملها الآية لكن الأولى حملها على المعنى الأول بدليل قوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾(سورة النور ـ ٢١). والله أعلم بمراده.


الصفحة التالية
Icon