هذا وإن وعده له الفقر ليس شفقة عليه ولا نصيحة له كما ينصح الرجل أخاه ولا محبة في بقائه غنيا بل لا شيء أحب إليه من فقره وحاجته وإنما وعده له بالفقر وأمره إياه بالبخل ليسيء ظنه بربه ويترك ما يحبه من الإنفاق لوجهه فيستوجب منه الحرمان وأما الله سبحانه فإنه يعد عبده مغفرة منه لذنوبه وفضلا بأن يخلف عليه أكثر مما أنفق وأضعافه إما في الدنيا أو في الدنيا والآخرةفهذا وعد الله وذاك وعد الشيطان فلينظر البخيل والمنفق أي الوعدين هو أوثق وإلى أيهما يطمئن قلبه وتسكن نفسه والله يوفق من يشاء ويخذل من يشاء وهو الواسع العليم وتأمل كيف ختم هذه الآية بهذين الاسمين فإنه واسع العطاء عليم بمن يستحق فضله ومن يستحق عدله فيعطي هذا بفضله ويمنع هذا بعدله وهو بكل شيء عليم فتأمل هذه الآيات ولا تستطل بسط الكلام فيها فإن لها شأنا لا يعقله إلا من عقل عن الله خطابه وفهم مراده وتلك الأمثال نضربها للناس وما
يعقلها إلا العالمون. أ هـ ﴿طريق الهجرتين صـ ٥٥٣ ـ ٥٥٥﴾