ومن تخلص من نفسه إلى روحه تحسس بالوصلة الرحمانية والمحبة الربانية،
كذلك من ترقى من روحه إلى أمره تحقق بالإحاطة الوحدانية،
ومن استبطن من أمره إلى سره اجتمع إلى الأولية الفردانية ؛ فهذا الترتيب من كمالات هذه الحكمة المؤتاة المنزلة بالوحي في هذا الكتاب الجامع لنبأ ما سبق وخبر ما لحق وباطن ما ظهر أنهى تعالى إلى ذكرها أعمال الخلق وخصوصاً في الجود بالموجود كما أنهى إقامة مبنى الدين بظهور وجوده،
فأنهى تنزيل أمره بظهور وجوده وأنهى استخلاف عباده بالانتهاء إلى مدد جوده،
فكان أعلى الحكمة الجود بالموجود فبذلك - والله سبحانه وتعالى أعلم - اتصل ذكر آية الحكمة بالإنفاق نظماً وبآية الكرسي مناظرة - انتهى. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٥٢٣ ـ ٥٢٤﴾
قال ابن عاشور :
قوله تعالى :﴿يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ﴾
هذه الجملة اعتراض وتذييل لما تضمنته آيات الإنفاق من المواعظ والآدَاب وتلقين الأخلاق الكريمة، مِما يكسب العاملين به رجاحة العقل واستقامة العمل.
فالمقصود التنبيه إلى نفاسة ما وعظهم الله به، وتنبيههم إلى أنّهم قد أصبحوا به حكماء بعد أن كانوا في جاهلية جهلاء.
فالمعنى : هذا من الحكمة التي آتاكم الله، فهو يؤتى الحكمة من يشاء، وهذا كقوله :﴿وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به﴾ [ البقرة : ٢٣١ ]. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ٦٠ ـ ٦١﴾
قال الفخر :


الصفحة التالية
Icon