اعلم أنه تعالى لما ذكر في الآية المتقدمة أن الشيطان يعد بالفقر ويأمر بالفحشاء، وأن الرحمن يعد بالمغفرة والفضل نبّه على أن الأمر الذي لأجله وجب ترجيح وعد الرحمن على وعد الشيطان هو أن وعد الرحمن ترجحه الحكمة والعقل، ووعد الشيطان ترجحه الشهوة والنفس من حيث إنهما يأمران بتحصيل اللذة الحاضرة واتباع أحكام الخيال والوهم، ولا شك أن حكم الحكمة والعقل هو الحكم الصادق المبرأ عن الزيغ والخلل، وحكم الحس والشهوة والنفس توقع الإنسان في البلاء والمحنة، فكان حكم الحكمة والعقل أولى بالقبول، فهذا هو الإشارة إلى وجه النظم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ٥٩﴾
فصل
قال أبو حيان :
الحكمة : القرآن، قاله ابن مسعود، ومجاهد، والضحاك، ومقاتل في آخرين.
وقال ابن عباس فيما رواه عنه علي بن طلحة : معرفة ناسخ القرآن ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، ومقدّمه ومؤخره.
وقال، فيما رواه عنه أبو صالح : النبوّة، وقاله السدي.
وقال إبراهيم، وأبو العالية، وقتادة : الفهم في القرآن.
وقال مجاهد فيما رواه عنه ليث : العلم والفقه ؛ وقال فيما رواه عنه ابن نجيح : الإصابة في القول والفعل، وقاله مجاهد.
وقال الحسن : الورع في دين الله، وقال الربيع بن أنس : الخشية، وقال ابن زيد، وأبوه زيد بن أسلم : العقل في أمر الله.
وقال شريك : الفهم.
وقال ابن قتيبة : العلم والعمل، لا يسمى حكيماً حتى يجمعهما.
وقال مجاهد أيضاً : الكتابة.
وقال ابن المقفع : ما يشهد العقل بصحته، وقال القشيري، وقال فيما روى عنه ابن القاسم : التفكر في أمر الله والاتباع له، وقال أيضاً : طاعة الله والفقه والدين والعمل به.
وقال عطاء : المغفرة.
وقال أبو عثمان : نور يفرق به بين الوسواس والمقام.
ووجدت في نسخة : والإلهام بدل المقام.
وقال القاسم بن محمد : أن يحكم عليك خاطر الحق دون شهوتك.
وقال بندار بن الحسين : سرعة الجواب مع إصابة الصواب.