الأول : أن إظهار زكاة الأموال توجب إظهار قدر المال، وربما كان ذلك سبباً للضرر، بأن يطمع الظلمة في ماله، أو بكثرة حساده، وإذا كان الأفضل له إخفاء ماله لزم منه لا محالة أن يكون إخفاء الزكاة أولى والثاني : أن هذه الآية إنما نزلت في أيام الرسول ﷺ والصحابة ما كانوا متهمين في ترك الزكاة فلا جرم كان إخفاء الزكاة أولى لهم لأنه أبعد عن الرياء والسمعة أما الآن فلما حصلت التهمة كان الإظهار أولى بسبب حصول التهمة الثالث : أن لا نسلم دلالة قوله ﴿فَهُوَ خَيْرٌ﴾ على الترجيح وقد سبق بيانه.
أهـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ٦٤ ـ ٦٦﴾
قوله تعالى :﴿وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الفقراء فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ﴾

فصل


قال الفخر :
أما قوله تعالى :﴿وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الفقراء فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ﴾ فالإخفاء نقيض الإظهار وقوله ﴿فَهُوَ﴾ كناية عن الإخفاء، لأن الفعل يدل على المصدر، أي الإخفاء خير لكم، وقد ذكرنا أن قوله ﴿خَيْرٌ لَّكُمْ﴾ يحتمل أن يكون المراد منه أنه في نفسه خير من الخيرات، كما يقال : الثريد خير وأن يكون المراد منه الترجيح، وإنما شرط تعالى في كون الإخفاء أفضل أن تؤتوها الفقراء لأن عند الإخفاء الأقرب أن يعدل بالزكاة عن الفقراء، إلى الأحباب والأصدقاء الذين لا يكونون مستحقين للزكاة، ولذلك شرط في الإخفاء أن يحصل معه إيتاء الفقراء، والمقصود بعث المتصدق على أن يتحرى موضع الصدقة، فيصير عالماً بالفقراء، فيميزهم عن غيرهم، فإذا تقدم منه هذا الاستظهار ثم أخفاها حصلت الفضيلة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ٦٦﴾


الصفحة التالية
Icon