ولما وصفها بكثرة الماء ذكر نتيجة ذلك فقال :﴿له فيها من كل الثمرات﴾ أي مع النخل والعنب.
ولما ذكر كرمها ذكر شدة الحاجة إليها فقال :﴿وأصابه﴾ أي والحال أنه أصابه ﴿الكبر﴾ فصار لا يقدر على اكتساب ﴿وله ذرية ضعفاء﴾ بالصغر كما ضعف هو بالكبر ﴿فأصابها﴾ أي الجنة مرة من المرات ﴿إعصار﴾ أي ريح شديدة جداً.
قال الحرالي : صيغة اشتداد بزيادة الهمزة والألف فيه من العصر وهو الشدة المخرجة لخبء الأشياء،
والإعصار ريح شديدة في غيم يكون فيها حدة من برد الزمهرير،
وهو أحد قسمي النار،
نظيره من السعير السموم.
وقال الأصفهاني : ريح تستدير في الأرض ثم تسطع نحو السماء كالعمود ﴿فيه نار،
فاحترقت﴾ تلك الجنة وبقي صاحبها بمضيعة مع ضعفه وثقل ظهره بالعيال وقلة المال.
قال الحرالي : من الاحتراق وهو ذهاب روح الشيء وصورته ذهاباً وحياً بإصابة قاصف لطيف يشيع في كليته فيذهبه ويفنيه ؛ فجعل المثل الأول في الحب أي الذي على الصفوان لآفة من تحته.
وجعل المثل في الجنة بجائحة من فوقه كأنهما جهتا طرو العلل والآفات من جهة أصل أو فرع - انتهى.
فحال من رأى في أعماله أو آذى في صدقة ماله في يوم القيامة وأهواله كحال هذا في نفسه وعياله عند خيبة آماله،
وروى البخاري رضي الله تعالى عنه في التفسير عن عبيد بن عمير قال قال عمر رضي الله تعالى عنه لأصحاب النبي ﷺ :" فيم ترون هذه الآية نزلت ﴿أيود أحدكم﴾ إلى أن قال : قال ابن عباس رضي الله تعالى عنه : ضربت مثلاً لعمل،
قال عمر رضي الله تعالى عنه : أيّ عمل ؟ قال ابن عباس : لعمل،
قال عمر رضي الله تعالى عنه : لرجل غني يعمل بطاعة الله سبحانه وتعالى ثم بعث الله له الشيطان فعمل بالمعاصي حتى أغرق أعماله ".