وهكذا، روى الحاكم في مستدركه : أن رسول الله ﷺ كان يقول في دعائه :" اللهم اجعل أوسع رزقك علي عند كبر سني وانقضاء عمري" (١)
ولهذا قال تعالى :﴿كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ﴾ أي : تعتبرون وتفهمون الأمثال والمعاني، وتنزلونها على المراد منها، كما قال تعالى :﴿وَتِلْكَ الأمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلا الْعَالِمُونَ﴾ [العنكبوت : ٤٣]. أ هـ ﴿تفسير ابن كثير حـ ١ صـ ٦٩٦﴾

فصل


قال الفخر :
الهمزة في ﴿أَيَوَدُّ﴾ استفهام لأجل الإنكار، وإنما قال :﴿أَيَوَدُّ﴾ ولم يقل أيريد لأنا ذكرنا أن المودة هي المحبة التامة ومعلوم أن محبة كل أحد لعدم هذه الحالة محبة كاملة تامة فلما كان الحاصل هو مودة عدم هذه الحالة ذكر هذا اللفظ في جانب الثبوت فقال :﴿أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ﴾ حصول مثل هذه الحالة تنبيهاً على الإنكار التام، والنفرة البالغة إلى الحد الذي لا مرتبة فوقه. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ٥٢﴾
قوله تعالى ﴿جَنَّةٌ مّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ﴾
" فوائد لغوية "
قال صاحب مجمع البيان :
الجنة : البستان الكثير الشجر، لأن الشجر يجنه بكثرته فيه. والنخيل : معروف. وقيل : إنه مأخوذ من نخل المنخل لاستخلاصه كاستخلاص اللباب بالنخل. والنخل : جمع نخلة، وهي شجرة التمر ويذكر ويؤنث. قال الله سبحانه :(كأنهم أعجاز نخل خاوية)، و(أعجاز نخل منقعر). والإنتخال : الإختيار. والتنخل : التخير. وأصل الباب : النخل للدقيق. والعنب : ثمر الكرم. ورجل عانب وعنب، ورجل عناب : عظيم الأنف. أ هـ ﴿مجمع البيان حـ ٢ صـ ١٨٨﴾
وقال الخطيب الشربينى :
﴿من نخيل﴾ جمع نخلة، وهي الشجرة القائمة على ساق، ثمرها من أعلاها في كلها نفع حتى في خشبها مثلها كمثل المؤمن الذي ينتفع به كله ﴿وأعناب﴾ جمع عنب وهو شجر الكرم لا يختص ثمره بجهة العلو اختصاص النخلة، بل يتفرّع علواً وسفلاً ويمنة ويسرة، مثله كمثل المؤمن المتّقي الذي يكرم بتقواه في كل جهة. أ هـ ﴿السراج المنير حـ ١ صـ ٢٨١﴾

فصل


قال الفخر :
اعلم أن الله تعالى وصف هذه الجنة بصفات ثلاث :
الصفة الأول : كونها من نخيل وأعناب، واعلم أن الجنة تكون محتوية على النخيل والأعناب، ولا تكون الجنة من النخيل والأعناب إلا أن بسبب كثرة النخيل والأعناب، صار كأن الجنة إنما تكون من النخيل والأعناب، وإنما خص النخيل والأعناب بالذكر لأنهما أشرف الفواكه ولأنهما أحسن الفواكه مناظر حين تكون باقية على أشجارها.
(١)
المستدرك (١/٥٤٢) من طريق سعيد بن سليمان، عن عيسى بن ميمون، عن القاسم، عن عائشة، رضي الله عنها، مرفوعا، وقال الحاكم :" هذا حديث حسن الإسناد والمتن غريب في الدعاء مستحب للمشايخ إلا أن عيسى بن ميمون لم يحتج به الشيخان" قال الذهبي : قلت :" عيسى متهم".


الصفحة التالية
Icon