والصفة الثانية : قوله ﴿تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار﴾ ولا شك أن هذا سبب لزيادة الحسن في هذه الجنة.
الصفة الثالثة : قوله ﴿لَهُ فِيهَا مِن كُلّ الثمرات﴾ ولا شك أن هذا يكون سبباً لكمال حال هذا البستان فهذه هي الصفات الثلاثة التي وصف الله تعالى هذه الجنة بها، ولا شك أن هذه الجنة تكون في غاية الحسن، لأنها مع هذه الصفات حسنة الرؤية والمنظر كثيرة النفع والريع، ولا تمكن الزيادة في حسن الجنة على ذلك، ثم إنه تعالى بعد ذلك شرع في بيان شدة حاجة المالك إلى هذه الجنة، فقال :﴿وَأَصَابَهُ الكبر﴾ وذلك لأنه إذا صار كبيراً، وعجز عن الاكتساب كثرت جهات حاجاته في مطعمه، وملبسه، ومسكنه، ومن يقوم بخدمته، وتحصيل مصالحه، فإذا تزايدت جهات الحاجات وتناقصت جهات الدخل والكسب، إلا من تلك الجنة، فحينئذ يكون في نهاية الاحتياج إلى تلك الجنة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ٥٢﴾
فائدة
قال الماوردى :
﴿وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ﴾ لأن الكِبَر قد يُنسِي من سعى الشباب في كسبه، فكان أضعف أملاً وأعظم حسرة.
﴿وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَآءُ﴾ لأنه على الضعفاء أحَنّ، وإشفاقه عليهم أكثر. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ١ صـ ٣٤١﴾
قال الآلوسى :
﴿أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ﴾ وقرىء جنات ﴿مّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ﴾ أي كائنة من هذين الجنسين النفيسين على معنى أنهما الركن والأصل فيها لا على أن لا يكون فيها غيرهما، والنخيل قيل : اسم جمع، وقيل : جمع نخل وهو اسم جنس جمعي، و( أعناب ) جمع عنبة ويقال عنباء فلا ينصرف لألف التأنيث الممدودة وحيث جاء في القرآن ذكر هذين الأمرين فإنما ينص على النخل دون ثمرتها وعلى ثمرة الكرم دون شجرتها ولعل ذلك لأن النخلة كلها منافع ونعمت العمات هي أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها حين يأذن ربها، وأعظم منافع الكرم ثمرته دون سائره. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٣ صـ ٣٧﴾