وقال الثعلبى :
وإنّما قال :﴿أَصَابَهُ﴾ فردّ الماضي على المستقبل ؛ لأن العرب تلفظ توددت مرّة مع (لو) وهي الماضي فتقول : وددت لو ذهبتَ عنّا،
ومرّة مع (أن) وهي للمستقبل فتقول : وددت أن تذهب عنّا،
و(لو) و(أن) مضارعان في معنى الجزاء،
ألا ترى أنّ العرب فيما جمعت بين (لو) و(أن) قال الله تعالى :﴿وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ﴾. الآية كما تجمع بين (ما) و(أن) وهما جحد.
قال الشاعر
ما أنْ رأيت ولا سمعت بمثله
كاليوم طالي أينق جرب
فلما جاز ذلك صلح أن يقال : فعل بتأويل يفعل ويفعل بتأويل فعل،
وأن ينطق بـ (لو) عنها ما كان (أن) وب (أن) مكان (لو). أ هـ ﴿الكشف والبيان حـ ٢ صـ ٢٦٥﴾
" فوائد لغوية دقيقة "
الفرق بين الكبير والكثير أن الكثير مضمن بعدد، وليس كذلك الكبير، تقول : دار واحدة كبيرة، ولا يجوز كثيرة.
الفرق بين المودة والمحبة أن المودة قد تكون بمعنى التمني نحو قولك : أود لو قدم زيد، بمعنى أتمنى لو قدم. ولا يجوز أحب لو قدم. أ هـ ﴿مجمع البيان حـ ٢ صـ ١٨٨﴾
فائدة
قال القرطبى :
قوله تعالى :﴿فَأَصَابَهَآ إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فاحترقت﴾ قال الحسن :" إعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ" ريح فيها برد شديد.
الزجاج : الإعصار في اللغة الريح الشديدة التي تَهُبّ من الأرض إلى السماء كالعمود، وهي التي يُقال لها : الزوبعة.
قال الجوهريّ : الزوبعة رئيس من رؤساء الجِن ؛ ومنه سُمِّيَ الإعصار زوبعة.
ويُقال : أُمّ زوبعة، وهي ريح تُثير الغبار وترتفع إلى السماء كأنها عمود.
وقيل : الإعصار ريح تثير سحاباً ذا رعد وبرق.
المَهْدَوِيّ : قيل لها إعصار لأنها تلتفّ كالثوب إذا عُصر.
ابن عطية : وهذا ضعيف.
قلت : بل هو صحيح : لأنه المشاهد المحسوس، فإنه يصعد عموداً مُلْتَفّاً.
وقيل ؛ إنما قيل للريح إعصار ؛ لأنه يعصر السحاب، والسحاب مُعْصِرات إمّا لأنها حوامل فهي كالمعصر من النساء.
وإمّا لأنها تنعصر بالرياح.
وحكى ابن سِيَده : أن المعصرات فسرها قوم بالرياح لا بالسحاب.
ابن زيد : الإعصار ريح عاصف وسَموم شديدة ؛ وكذلك قال السديّ ؛ الإعصار الريح والنار السَّموم.
ابن عباس : ريح فيها سموم شديدة.
قال ابن عطية : ويكون ذلك في شدّة الحرّ ويكون في شدّة البرد، وكل ذلك فَيْح جهنم ونفَسِها ؛ كما تضمن قول النبيّ ﷺ :" إذا اشتدّ الحرّ فأبردوا عن الصَّلاة فإن شدّة الحرّ من فَيْح جهنم. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٣ صـ ٣١٩ ـ ٣٢٠﴾


الصفحة التالية
Icon