الْمُهَذِّبِ لِلنُّفُوسِ هُوَ الَّذِي بِهِ الْمَصَالِحُ الْعَامَّةُ حَتَّى تَكُونَ كُلُّهَا سَعِيدَةً عَزِيزَةً فَعَلَّمَهُمُ اللهُ - تَعَالَى - أَنَّ مَا يُنْفِقُونَهُ فِي الْمَصَالِحِ يُضَاعَفُ لَهُمْ أَضْعَافًا كَثِيرَةً فَهُوَ مُفِيدٌ لَهُمْ فِي دُنْيَاهُمْ، وَحَثَّهُمْ عَلَى أَنْ يَجْعَلُوا الْإِنْفَاقَ فِي سَبِيلِهِ
وَابْتِغَاءِ مَرْضَاتِهِ لِيَكُونَ مُفِيدًا لَهُمْ فِي آخِرَتِهِمْ أَيْضًا، فَذَكَرَ أَوَّلًا أَنَّ الْإِنْفَاقَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِمَنْزِلَةِ إِقْرَاضِهِ - تَعَالَى - وَوَعَدَ بِمُضَاعَفَتِهِ أَضْعَافًا كَثِيرَةً، ثُمَّ ضَرَبَ الْأَمْثَالَ وَذَكَرَ قَصَصَ الَّذِينَ بَذَلُوا أَمْوَالَهُمْ وَأَرْوَاحَهُمْ فِي سَبِيلِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ
الْبَعْثَ وَإِحْيَاءَ الْمَوْتَى وَانْتِهَاءَهُمْ إِلَى الدَّارِ الَّتِي يُوَفُّونَ فِيهَا أُجُورَهُمْ فِي يَوْمٍ لَا تَنْفَعُ فِيهِ فِدْيَةٌ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ، وَإِنَّمَا تَنْفَعُهُمْ أَعْمَالُهُمُ الَّتِي أَهَمُّهَا الْإِنْفَاقُ فِي سَبِيلِهِ، ثُمَّ ضَرَبَ الْمَثَلَ لِلْمُضَاعَفَةِ ; أَيْ بَعْدَ أَنْ قَرَّرَ أَمْرَ الْبَعْثِ بِالدَّلَائِلِ وَالْأَمْثَالِ إِذْ كَانَ الْإِيمَانُ بِهِ أَقْوَى الْبَوَاعِثِ عَلَى بَذْلِ الْمَالِ.


الصفحة التالية
Icon