قَالَ : مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَهِيَ مَا يُوصِلُ إِلَى مَرْضَاتِهِ مِنَ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ لَا سِيَّمَا مَا كَانَ نَفْعُهُ أَعَمَّ وَأَثَرُهُ أَبْقَى كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ أَيْ كَمَثَلِ أَبْرَكِ بَذْرٍ فِي أَخْصَبِ أَرْضٍ نَمَا أَحْسَنَ نُمُوٍّ فَجَاءَتْ غَلَّتُهُ مُضَاعَفَةً سَبْعَمِائَةِ ضِعْفٍ وَذَلِكَ مُنْتَهَى الْخِصْبِ وَالنَّمَاءِ ; أَيْ أَنَّ هَذَا الْمُنْفِقَ يَلْقَى جَزَاءَهُ فِي الدُّنْيَا مُضَاعَفًا أَضْعَافًا كَثِيرَةً، كَمَا قَالَ فِي آيَةٍ سَابِقَةٍ. فَالتَّمْثِيلُ لِلتَّكْثِيرِ لَا لِلْحَصْرِ وَلِذَلِكَ قَالَ : وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ فَيَزِيدُهُ عَلَى ذَلِكَ زِيَادَةً لَا تُقَدَّرُ وَلَا تُحْصَرُ، فَذَلِكَ الْعَدَدُ لَا مَفْهُومَ لَهُ، وَلَا يُحَدُّ عَطَاؤُهُ عَلِيمٌ بِمَنْ يَسْتَحِقُّ الْمُضَاعَفَةَ مِنَ الْمُخْلِصِينَ الَّذِينَ يَهْدِيهِمْ إِخْلَاصُهُمْ إِلَى وَضْعِ النَّفَقَاتِ فِي مَوَاضِعِهَا الَّتِي يَكْثُرُ نَفْعُهَا وَتَبْقَى فَائِدَتُهَا زَمَنًا طَوِيلًا، كَالْمُنْفِقِينَ فِي إِعْلَاءِ شَأْنِ الْحَقِّ وَتَرْبِيَةِ الْأُمَمِ عَلَى آدَابِ الدِّينِ وَفَضَائِلِهِ الَّتِي تَسُوقُهُمْ إِلَى سَعَادَةِ الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ، حَتَّى إِذَا مَا ظَهَرَتْ آثَارُ نَفَقَاتِهِمُ النَّافِعَةِ فِي قُوَّةِ مُلْكِهِمْ وَسَعَةِ انْتِشَارِ دِينِهِمْ وَسَعَادَةِ أَفْرَادِ أُمَّتِهِمْ عَادَ عَلَيْهِمْ مِنْ بَرَكَاتِ ذَلِكَ وَفَوَائِدِهِمْ مَا هُوَ مَا أَنْفَقُوا بِدَرَجَاتٍ لَا يُمْكِنُ حَصْرُهَا. وَقَدْ قَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللهُ - فِي الدَّرْسِ : إِنَّ الْمُرَادَ بِالْإِنْفَاقِ هُنَا الْإِنْفَاقُ فِي خِدْمَةِ الدِّينِ، وَقَالَ