وَقَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ : الْقَوْلُ بِالْمَعْرُوفِ يَتَوَجَّهُ تَارَةً إِلَى السَّائِلِ إِنْ كَانَتِ الصَّدَقَةُ عَلَيْهِ، وَتَارَةً يَتَوَجَّهُ إِلَى الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ، كَمَا إِذَا هَاجَمَ الْبَلَدَ عَدُوٌّ وَأَرَادُوا جَمْعَ الْمَالِ لِلِاسْتِعَانَةِ عَلَى دَفْعِهِ، فَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ يُمْكِنُهُ أَنْ يُسَاعِدَ بِالْقَوْلِ الْمَعْرُوفِ الَّذِي يَحُثُّ عَلَى الْعَمَلِ وَيُنَشِّطُ الْعَامِلَ، وَيَبْعَثُ عَزِيمَةَ الْبَاذِلِ، وَالْمَغْفِرَةُ أَنْ تُغْضِيَ عَنْ نِسْبَةِ التَّقْصِيرِ فِي الْإِنْفَاقِ إِلَيْكَ، وَأَنْ تَظْهَرَ فِي هَيْئَةٍ لَا يَنْفِرُ مِنْهَا الْمُحْتَاجُ وَلَا يَتَأَلَّمُ مَنْ فَقْرِهِ أَمَامَكَ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مُقَابَلَةَ الْمُحْتَاجِ بِكَلَامٍ يَسُرُّ وَهَيْئَةٍ تُرْضِي خَيْرٌ مِنَ الصَّدَقَةِ مَعَ الْإِيذَاءِ بِسُوءِ الْقَوْلِ أَوْ سُوءِ الْمُقَابَلَةِ، وَلَا فَرْقَ فِي الْمُحْتَاجِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فَرْدًا أَوْ جَمَاعَةً، فَإِنَّ مُسَاعَدَةَ الْأُمَّةِ بِبَعْضِ الْمَالِ مَعَ سُوءِ الْقَوْلِ فِي الْعَمَلِ الَّذِي سَاعَدَهَا عَلَيْهِ وَإِظْهَارِ اسْتِهْجَانِهِ وَبَيَانِ التَّقْصِيرِ فِيهِ أَوْ تَشْكِيكِ النَّاسِ فِي فَائِدَةٍ لَا تُوَازِي هَذِهِ الْمُسَاعَدَةَ. إِحْسَانُ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ الْعَمَلِ الَّذِي تُطْلَبُ لَهُ الْمُسَاعَدَةُ وَالْإِغْضَاءُ عَنِ التَّقْصِيرِ الَّذِي رُبَّمَا يَكُونُ مِنَ الْعَامِلِينَ فِيهِ، فَكَوْنُكَ مَعَ الْأُمَّةِ بِقَلْبِكَ وَلِسَانِكَ خَيْرٌ مِنْ شَيْءٍ مِنَ الْمَالِ تَرْضَخُ بِهِ مَعَ الْقَوْلِ السُّوءِ وَفِعْلِ الْأَذَى، وَمَعْنَى هَذِهِ الْخَيْرِيَّةِ أَنَّهُ أَنْفَعُ وَأَكْثَرُ فَائِدَةٍ لَا أَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَ الْبَذْلِ وَيُغْنِي عَنْهُ، فَمَنْ آذَى فَقَدْ بَغَّضَ


الصفحة التالية
Icon