مَا لَا حَقِيقَةَ لَهُ كَمَنْ يَلْبَسُ لُبُوسَ الْعُلَمَاءِ أَوِ الْجُنْدِ وَلَيْسَ مِنْهُمْ، فَلَا يَلْبَثُ أَنْ يَظْهَرَ أَمْرُهُ وَيَفْتَضِحَ سِرُّهُ، فَيَكُونَ مَا تَلَبَّسَ بِهِ كَالتُّرَابِ عَلَى الصَّفْوَانِ يَذْهَبُ بِهِ الْوَابِلُ، كَذَلِكَ تَكْشِفُ الْحَوَادِثُ وَمَا يُبْتَلَى بِهِ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُنَافِقُونَ حَقِيقَةَ هَؤُلَاءِ وَتَفْضَحُ سَرَائِرَهُمْ، فَهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا أَيْ لَا يَنْتَفِعُونَ بِشَيْءٍ مِنْ صَدَقَاتِهِمْ وَنَفَقَاتِهِمْ وَلَا يَجْنُونَ ثَمَرَاتِهَا فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ، أَمَّا فِي الدُّنْيَا فَلِأَنَّ الْمَنَّ وَالْأَذَى مِمَّا يُنَافِي غَايَةَ الصَّدَقَةِ - كَمَا تَقَدَّمَ - وَمَنْ فَعَلَهُمَا كَانَ أَبْغَضَ إِلَى النَّاسِ مِنَ الْبَخِيلِ الْمُمْسِكِ، وَالرِّيَاءُ لَا يَخْفَى عَلَى النَّاسِ فَهُوَ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ :
ثَوْبُ الرِّيَاءِ يَشُفُّ عَمَّا تَحْتَهُ | فَإِذَا اكْتَسَيْتَ بِهِ فَإِنَّكَ عَارٍ |