وقوله :﴿ولكن الله يهدي من يشاء﴾ جيء فيه بحرف الاستدراك لما في الكلام المنفي من توهمّ إمكان هديهم بالحرص أو بالإلجاء، فمصَبُّ الاستدراك هو الصلة، أعْني ﴿من يشاء﴾ ؛ أي فلا فائدة في إلجاء من لم يشأ الله هديه.
والتقدير : ولكن هداهم بيد الله، وهو يهدي من يشاء، فإذا شاء أن يهديهم هداهم. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ٧٢﴾
فائدة
قال أبو حيان :
وقال الزمخشري قوله :﴿ولكن الله يهدي من يشاء﴾ تلطف بمن يعلم أن اللطف ينفع فيه، فينتهي عما نهى عنه. انتهى.
فلم يحمل الهدى في الموضعين على الإيمان المقابل للضلال، وإنما حمله على هدى خاص، وهو خلاف الظاهر، كما قلنا.
وقيل : الهداية هنا الغنى أي : ليس عليك أن تغنيهم، وإنما عليك أن تواسيهم، فإن الله يغني من يشاء.
وتسمية الغنى : هداية، على طريقة العرب من نحو قولهم : رشدت واهتديت، لمن ظفر، وغويت لمن خاب وخسر وعلى هذا قول الشاعر :
فمن يلق خيراً يحمد الناس أمره...
ومن يغو لا يعدم على الغي لائماً
وتفسير الهدى بالغنى أبعد من تفسير الزمخشري، وفي قوله : هداهم، طباق معنوي، إذ المعنى : ليس عليك هدى الضالين، وظاهر الخطاب في : ليس عليك، أنه لرسول الله ﷺ، وفي ذلك تسلية له صلى الله عليه وسلم. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٣٤٠﴾


الصفحة التالية
Icon