فصل
قال الفخر :
أما قوله تعالى :﴿ولكن الله يَهْدِى مَن يَشَاء﴾ فقد احتج به الأصحاب على أن هداية الله تعالى غير عامة، بل هي مخصوصة بالمؤمنين قالوا : لأن قوله ﴿ولكن الله يَهْدِى مَن يَشَاء﴾ إثبات للهداية التي نفاها بقوله ﴿لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ﴾ لكن المنفي بقوله ﴿لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ﴾ هو حصول الاهتداء على سبيل الاختيار، فكان قوله ﴿ولكن الله يَهْدِى مَن يَشَاء﴾ عبارة عن حصول الاهتداء على سبيل الاختيار وهذا يقتضي أن يكون الاهتداء الحاصل بالاختيار واقعاً بتقدير الله تعالى وتخليقه وتكوينه وذلك هو المطلوب.
قالت المعتزلة ﴿ولكن الله يَهْدِى مَن يَشَاء﴾ يحتمل وجوهاً أحدها : أنه يهدي بالإثابة والمجازاة من يشاء ممن استحق ذلك
وثانيها : يهدي بالألطاف وزيادات الهدى من يشاء
وثالثها : ولكن الله يهدي بالإكراه من يشاء على معنى أنه قادر على ذلك وإن لم يفعله
ورابعها : أنه يهدي بالاسم والحكم من يشاء، فمن اهتدى استحق أن يمدح بذلك.
أجاب الأصحاب عن هذه الوجوه بأسرها أن المثبت في قوله ﴿ولكن الله يَهْدِى مَن يَشَاء﴾ هو المنفي أولاً بقوله ﴿لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ﴾ لكن المراد بذلك المنفي بقوله أولاً :﴿لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ﴾ هو الاهتداء على سبيل الاختيار، فالمثبت بقوله ﴿ولكن الله يَهْدِى مَن يَشَاء﴾ يجب أن يكون هو الاهتداء على سبيل الاختيار، وعلى هذا التقدير يسقط كل الوجوه. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ٦٨﴾
﴿وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأَنفُسِكُمْ﴾
قال القرطبى :
قوله تعالى :﴿وَمَا تُنْفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلاَّ ابتغآء وَجْهِ الله﴾ شرط وجوابه.