قوله تعالى ﴿ وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلَكِنْ ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (٦٩) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما كانت هذه الآية مكية، وكانوا إذ ذاك عاجزين عن الإنكار بغير القلب، قال :﴿وما على الذين يتقون﴾ أي يخافون الله فلا يكذبون بآياته في مجالسة الكفرة ﴿من حسابهم﴾ أي الخائضين إذا كانوا أقوى منهم ﴿من شيء﴾ وما نهينا عن المجالسة لأن عليهم فيها - والحالة هذه - إثماً ﴿ولكن﴾ نهينا لتكون المفارقة إظهاراً للكراهة ﴿ذكرى﴾ للخائضين لاستحيائهم من أذى الجليس ﴿لعلهم يتقون﴾ أي ليكون حالهم بذلك حال من يرجى منه التقوى، فيجتنب الخوض في الآيات إكراماً للجليس. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٦٥٣﴾
فصل
قال الفخر :
قال ابن عباس : قال المسلمون لئن كنا كلما استهزأ المشركون بالقرآن وخاضوا فيه قمنا عنهم لما قدرنا على أن نجلس في المسجد الحرام وأن نطوف بالبيت، فنزلت هذه الآية وحصلت الرخصة فيها للمؤمنين بأن يقعدوا معهم ويذكرونهم ويفهمونهم.
قال ومعنى الآية :﴿وَمَا عَلَى الذين يَتَّقُونَ﴾ الشرك والكبائر والفواحش ﴿مِنْ حِسَابِهِم﴾ من آثامهم ﴿مّن شَىْء ولكن ذكرى﴾ قال الزجاج : قوله ﴿ذِكْرَى﴾ يجوز أن يكون في موضع رفع، وأن يكون في موضع نصب.
أما كونه في موضع رفع فمن وجهين : الأول : ولكن عليكم ذكرى أي أن تذكروهم وجائز أن يكون ولكن الذي تأمرونهم به ذكرى، فعلى الوجه الأولى الذكرى بمعنى التذكير، وعلى الوجه الثاني الذكرى تكون بمعنى الذكر وأما كونه في موضع النصب، فالتقدير ذكروهم ذكرى لعلهم يتقون.
والمعنى لعل ذلك الذكرى يمنعهم من الخوض في ذلك الفضول. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٣ صـ ٢٢ ـ ٢٣﴾