قوله تعالى ﴿إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (٦٨)﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما نفي عنه ﷺ كل زيغ بعد أن نفي عنه أن يكون على ملة هو متقدم عن حدوثها شرع في بيان ما يتم به نتيجة ما مضى ببيان من هو أقرب إليه ممن جاء بعده، فقرر أن الأولى به إنما هو من اتبعه في أصل الدين، وهو التوحيد والتنزيه الذي لم يختلف فيه نبيان أصلاً، وفي الانقياد للدليل وترك المألوف من غير تلعثم حتى صاروا أحقاء بالإسلام الذي هو وصفه بقوله سبحانه وتعالى مؤكداً رداً عليهم وتكذيباً لمحاجتهم :﴿إن أولى الناس﴾ أي أقربهم وأحقهم ﴿بإبراهيم للذين اتبعوه﴾ أي في دينه من أمته وغيرهم، لا الذين ادعوا أنه تابع لهم، ثم صرح بهذه الأمة فقال :﴿وهذا النبي﴾ أي هو أولى الناس به ﴿والذين آمنوا﴾ أي من أمته وغيرهم وإن كانوا في أدنى درجات الإيمان ﴿والله﴾ أي بما له من صفات الكمال - وليهم، هذا الأصل، ولكنه قال :﴿ولي المؤمنين﴾ ليعم الأنبياء كلهم وأتباعهم من كل فرقة، ويعلم أن الوصف الموجب للتقريب العراقة في الإيمان ترغيباً لمن لم يبلغه في بلوغه. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ١١٢﴾

فصل


قال القرطبى :
وقال ابن عباس : قال رؤساء اليهود : والله يا محمد لقد علمت أنا أولى الناس بدين إبراهيم منك ومن غيرك، فإنه كان يهودياً وما بك إلا الحسد ؛ فأنزل الله تعالى هذه الآية.
﴿ أَوْلَى ﴾ معناه أحق، قيل : بالمعونة والنصرة.
وقيل بالحجة.
﴿ لَلَّذِينَ اتبعوه ﴾ على مِلّته وسنته.
﴿ وهذا النبي ﴾ أفرد ذكره تعظيماً له ؛ كما قال ﴿ فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ ﴾ [ الرحمن : ٦٨ ] وقد تقدّم في "البقرة" هذا المعنى مستوفى.


الصفحة التالية
Icon