قوله تعالى ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ (٥٩) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما أخبر تعالى عن حالهم السيىء الدنيء الذي لا يجديهم في الدنيا ويهلكهم في الأخرى، نبههم على ما هو الأصلح لهم من الحال الشريف السني فقال :﴿ولو أنهم﴾ أي المنافقين ﴿رضوا ما آتاهم الله﴾ أي المنعم بجميع النعم لأن له جميع الكمال ﴿ورسوله﴾ الذي عظمته من عظمته قل ذلك المؤتي أو كثر طال زمنه أو قصر ﴿وقالوا﴾ أي مع الرضى ﴿حسبنا الله﴾ أي كافينا لأن له جميع العظمة فهو الغني المطلق.
ولما كانت الكفاية تارة تكون بالتنجيز العاجل وتارة بالوثوق بالوعد الآجل، بين أن الثاني هو المراد لأنه أدل على الإيمان فقال :﴿سيؤتينا الله﴾ أي الملك الأعظم بوعد لا خلف فيه واعتقدوا أن لا حق لأحد فقالوا :﴿من فضله ورسوله﴾ أي الذي لا يخالف أمره، على ما قدر لنا في الأزل ؛ ثم عللوا ذلك بقولهم :﴿إنا إلى الله﴾ أي المستجمع لصفات الكمال وحده ﴿راغبون﴾ أي عريقون في الرغبة، فلذلك نكتفي بما يأتي من قبله كائناً ما كان، أي لكان ذلك خيراً لهم لأنه لا ينالهم إلا ما قسم سبحانه لهم شاؤوا أو أبوا. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٣ صـ ٣٣٥ ـ ٣٣٦﴾


الصفحة التالية
Icon