قوله تعالى ﴿ وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١١٨) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما صرح بالتوبة على من قارب الزيغ وخلط معهم أهل الثبات إشارة إلى أن كل أحد فقير إلى الغني الكبير وليكون اقترانهم بأهل المعالي، وجعلهم في حيزهم تشريفاً لهم وتأنيساً لئلا يشتد إنكارهم، أتبعه التوبة على من وقع منه الزيغ فقال غير مصرح بالزيغ تعليماً للأدب وجبراً للخواطر المنكسرة :﴿وعلى﴾ أي ولقد تاب الله على ﴿الثلاثة الذين ﴾.
ولما كان الخلع للقلوب مطلق التخليف، بني للمفعول قوله :﴿خلفوا﴾ أي خلفهم رسول الله ـ ﷺ ـ بالهجران ونهى الناس عن كلامهم، وأخر الحكم فيهم ليأتي أمر الله في بيان أمرهم واستمر تخليفهم ﴿حتى إذا ضاقت﴾ أشار إلى عظيم الأمر بأداة الاستعلاء فقال :﴿عليهم الأرض﴾ أي كلها ﴿بما رحبت﴾ أي مع شدة اتساعها، أي ضاق عليهم فسيحها ووسعها.


الصفحة التالية
Icon