قوله تعالى ﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (١) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (٣) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
( بسم الله ) الملك الأعظم الجواد الأكرم الذي لا لفائض فضله ( الرحمن ) الذي شمل الخلائق بجوده وفاوت بينهم في صوب وبله ( الرحيم ) الذي خص حزبه بالاهتداء بهديه والاعتصام بحبله.
لما كانت سورة الدين بإفصاحها ناهية عن مساوىء الأخلاق، كانت بإفهامها داعية إلى معالي الشيم، فجاءت الكوثر لذلك، وكانت الدين قد ختمت بأبخل البخلاء وأدنى الخلائق : المنع تنفيراً من البخل ومما جره من التكذيب، فابتدئت الكوثر بأجود الجود.
العطاء لأشرف الخلائق ترغيباً فيه وندباً إليه، فكان كأنه قيل : أنت يا خير الخلق غير متلبس بشيء مما نهت عنه تلك المختتمة بمنع الماعون :﴿إنا﴾ بما لنا من العظمة وأكد لأجل تكذيبهم :﴿أعطيناك﴾ أي خولناك مع التمكين العظيم، ولم يقل : آتيناك، لأن الإيتاء أصله الإحضار وإن اشتهر في معنى الإعطاء ﴿الكوثر﴾ الذي هو من جملة الجود على المصدقين بيوم الدين.


الصفحة التالية
Icon