قوله تعالى ﴿ أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (٩٨) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما كان ربما قال جاهل : لو جاءهم وهم إيقاظ لأمكن أن يدافعوا! قال :﴿أو أمن أهل القرى﴾ أي مجتمعين أو منفردين فأنه لا فرق عندنا في ذلك ﴿أن يأتيهم بأسنا ضحى﴾ أي وقت راحتهم واجتماع قواهم ونشاطهم ؛ ولما كانت اليقظة موجبة للحركة، عبر بالمضارع في قوله :﴿وهم يلعبون﴾ أي يتجدد لعبهم شيئاً فشيئاً في ذلك الوقت، وفيه تقريع لهم بنسبتهم إلى أنهم صبيان العقول، لا التفات لهم إلى غير اللعب. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٣ صـ ٧٥﴾

فصل


قال الفخر :
قرأ أكثر القراء ﴿أَوَ أَمِنَ﴾ بفتح الواو، وهو حرف العطف دخلت عليه همزة الاستفهام، كما دخل في قوله :﴿أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ﴾ [ يونس : ٥١ ] وقوله :﴿أَوْ كُلَّمَا عاهدوا﴾ [ البقرة : ١٠٠ ] وهذه القراءة أشبه بما قبله وبعده، لأن قبله ﴿أَفَأَمِنَ أَهْلُ القرى﴾ وما بعده ﴿أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ الله﴾ [ الأعراف : ٩٩ ] ﴿أَوَ لَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأرض﴾ [ الأعراف : ١٠٠ ] وقرأ ابن عامر ﴿أَوَ أَمِنَ﴾ ساكنة الواو، واستعمل على ضربين : أحدهما : أن تكون بمعنى أحد الشيئين، كقوله : زيد أو عمرو جاء، والمعنى أحدهما جاء.
والضرب الثاني : أن تكون للإضراب عما قبلها، كقولك : أنا أخرج أو أقيم، أضربت عن الخروج، وأثبت الإقامة، كأنك قلت : لا بل أقيم.
فوجه هذه القراءة أنه جعل "أو" للاضراب لا على أنه أبطل الأول، وهو ﴿الم تَنزِيلُ الكتاب لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِ العالمين أَمْ يَقُولُونَ﴾ [ السجدة : ١، ٢ ] فكان المعنى من هذه الآية استواء هذه الضروب من العذاب، وإن شئت جعلت "أو" ههنا التي لأحد الشيئين، ويكون المعنى : أفأمنوا إحدى هذه العقوبات، وقوله :﴿ضُحًى﴾ الضحى صدر النهار، وأصله الظهور من قولهم : ضحا للشمس إذا ظهر لها. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٤ صـ ١٥١﴾


الصفحة التالية
Icon