قوله تعالى ﴿ أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٧٤) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما كان من شأن العاقل أنه لا يقدم على باطل، فإن وقع ذلك منه وشعر بنوع ضرر يأتي بسببه بادر إلى الإقلاع عنه، تسبب عن هذا الإنذار - بعد بيان العوار - الإنكارُ عليهم في عدم المبادرة إلى التوبة إيضاحاً لأن معنى كفروا : داموا عليه، فقال :﴿أفلا يتوبون﴾ أي يرجعون بعد هذا الكفر الذي لا أوضح من بطلانه ولا أبين من فساده والوعيد الشديد ﴿إلى الله﴾ أي المتصف بكل وصف جميل ﴿ويستغفرونه﴾ أي يطلبون منه غفران ما أقدموا عليه من العار البين العوار ؛ ولما كان التقدير : فالله تواب حكيم، عطف عليه قوله :﴿والله﴾ ويجوز أن يكون التقدير : والحال أن المستجمع لصفات الكمال أزلاً وأبداً ﴿غفور﴾ أي بليغ المغفرة، يمحو الذنوب فلا يعاقب عليها ولا يعاتب ﴿رحيم﴾ أي بالغ الإكرام لمن أقبل إليه. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٥١٥﴾
فائدة
قال الفخر :
قال الفرّاء : هذا أمر في لفظ الاستفهام كقوله :﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ﴾ [ المائدة : ٩١ ] في آية تحريم الخمر. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ٥١﴾
وقال السمرقندى :
﴿ أَفَلاَ يَتُوبُونَ إلى الله ﴾ من النصرانية، ﴿ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ ﴾ عن مقالتهم الشرك، فإن فعلوا فإنَّ ﴿ الله غَفُورٌ ﴾ للذنوب ﴿ رَّحِيمٌ ﴾ بقبول التوبة، ويقال : قوله :﴿ أَفَلاَ يَتُوبُونَ إلى الله وَيَسْتَغْفِرُونَهُ ﴾ لفظه لفظ الاستفهام والمراد به الأمر فكأنه قال : توبوا إلى الله، وكذلك كل ما يشبه هذا في القرآن، مثل قوله :( أتصبرون ) يعني : اصبروا. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ١ صـ ﴾