وقال ابن كثير :
﴿ أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ وهذا من كرمه تعالى وجوده ولطفه ورحمته بخلقه، مع هذا الذنب العظيم وهذا الافتراء والكذب والإفك، يدعوهم إلى التوبة والمغفرة، فكل من تاب إليه تاب عليه. أ هـ ﴿تفسير ابن كثير حـ ٣ صـ ١٥٨﴾
وقال أبو حيان :
﴿ أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه ﴾ هذا لطف بهم واستدعاء إلى التنصل من تلك المقالة الشنعاء بعد أن كرّر عليهم الشهادة بالكفر.
والفاء في أفلا للعطف، حجزت بين الاستفهام ولا النافية، والتقدير : فألا.
وعلى طريقة الزمخشري تكون قد عطفت فعلاً على فعل، كأن التقدير : أيثبتون على الكفر فلا يتوبون، والمعنى على التعجب من انتفاء توبتهم وعدم استغفارهم، وهم أجدر الناس بذلك، لأن كفرهم أقبح الكفر، وأفضح في سوء الاعتقاد، فتعجب من كونهم لا يتوبون من هذا الجرم العظيم.
وقال الفراء : هو استفهام معناه الأمر كقوله :﴿ فهل أنتم منتهون ﴾ قال : إنما كان بمعنى الأمر، لأنّ المفهوم من الصيغة طلب التوبة والحث عليها، فمعناه : توبوا إلى الله واستغفروه من ذنبكم القولين المستحيلين انتهى.
وقال ابن عطية : رفق جل وعلا بهم بتحضيضه إياهم على التوبة وطلب المغفرة انتهى.
وما ذكروه من الحث والتحضيض على التوبة من حيث المعنى، لا من حيث مدلول اللفظ، لأن أفلا غير مدلول ألا التي للحض والحث.
﴿ والله غفور رحيم ﴾ نبه تعالى على هذين الوصفين اللذين بهما يحصل قبول التوبة والغفران للحوبة، والمعنى : كيف لا توجد التوبة من هذا الذنب وطلب المغفرة والمسؤول منه ذلك متصف بالغفران التام والرحمة الواسعة لهؤلاء وغيرهم؟. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٣ صـ ﴾