قوله تعالى ﴿ أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ (١٥٦) ﴾
" فصل "
قال البقاعى :
ثم بين المراد من إنزاله وهو إقامة الحجة البالغة فقال :﴿أن﴾ أي لأن لا ﴿تقولوا﴾ أو كراهة أن تقولوا أيتها الأمة الأمية ﴿إنما أنزل الكتاب﴾ أي الرباني المشهور ﴿على طائفتين﴾ وقرب الزمن وبعّضه بإدخال الجار فقال :﴿من قبلنا﴾ أي اليهود والنصارى ﴿وإن﴾ أي وأنا - أو وأن الشأن - ﴿كنا عن دراستهم﴾ أي قراءتهم لكتابهم قراءة مرددة.
ولما كانت هي المخففة أتى باللام الفارقة بينها وبين النافية فقال :﴿لغافلين﴾ أي لا نعرف حقيقتها ولا ثبتت عندنا حقيتها ولا هي بلساننا. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٧٤٧ ـ ٧٤٨﴾

فصل


قال الفخر :
قوله تعالى ﴿أَن تَقُولُواْ إِنَّمَا أُنزِلَ الكتاب على طَائِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا﴾ فيه وجوه :
الوجه الأول : قال الكسائي والفراء، والتقدير : أنزلناه لئلا تقولوا، ثم حذف الجار وحرف النفي، كقوله :﴿يُبَيّنُ الله لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ﴾ [ النساء : ١٧٦ ] وقوله :﴿رَوَاسِىَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ﴾ [ النحل : ١٥ ] أي لئلا.
والوجه الثاني : وهو قول البصريين معناه : أنزلناه كراهة أن تقولوا ولا يجيزون إضمار "لا" فإنه لا يجوز أن يقال : جئت أن أكرمك بمعنى : أن لا أكرمك، وقد ذكرنا تحقيق هذه المسألة في آخر سورة النساء.
والوجه الثالث : قال الفراء : يجوز أن يكون "أن" متعلقة باتقوا، والتأويل : واتقوا أن تقولوا إنما أنزل الكتاب.
البحث الثاني : قوله :﴿أَن تَقُولُواْ﴾ خطاب لأهل مكة، والمعنى : كراهة أن يقول أهل مكة أنزل الكتاب، وهو التوراة والإنجيل على طائفتين من قبلنا، وهم اليهود والنصارى، وإن كنا "إن" هي المحففة من الثقيلة، واللام هي الفارقة بينها وبين النافية، والأصل وأنه كنا عن دراستهم لغافلين، والمراد بهذه الآيات إثبات الحجة عليهم بإنزال القرآن على محمد كي لا يقولوا يوم القيامة إن التوراة والإنجيل أنزلا على طائفتين من قبلنا وكنا غافلين عما فيهما، فقطع الله عذرهم بإنزال القرآن عليهم وقوله :﴿وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمْ لغافلين﴾ أي لا نعلم ما هي، لأن كتابهم ما كان بلغتنا. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٤ صـ ٥ ـ ٦﴾


الصفحة التالية
Icon