قوله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (٦) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٧) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما أبلغ سبحانه في عتاب أزواج النبي ـ ﷺ ـ مع صيانتهن عن التسمية إكراماً له ـ ﷺ ـ وعلم اتصافهن بهذه الصفات العظيمة على سبيل الرسوخ من دوام صحبته ـ ﷺ ـ لهن ليكن من جملة أزواجه في الجنة وكان اتصافهن بذلك الذي أداهن إلى السعادة العظمى إنما هو بحسن تأديب أوليائهن لهن وإكمال ذلك الأدب بحسن عشرته ـ ﷺ ـ وتأدبهن بكريم أخلاقه أثمر ذلك أمر الأمة بالتأسي به في هذه الأخلاق الكاملة والتأسي بأوليائهن في ذلك ليعرفن حق الله وحق الأزواج فيحصل بذلك صلاح ذات البين المثمرات للخير كله فقال تعالى متبعاً لهذه الموعظة الخاصة بموعظة عامة دالة على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للأقرب فالأقرب ﴿يا أيها﴾ مخاطبة لأدنى الأسنان إشارة إلى أن من فوقهم تأسى من حين دخوله في الإسلام فهو غني عن أمر جديد ﴿الذين آمنوا﴾ أي أقروا بذلك ﴿قوا أنفسكم﴾ أي اجعلوا لها وقاية بالتأسي به ـ ﷺ ـ في أدبه مع الخلق والخالق في لينه لمن يستحق اللين من الخلق تعظيماً للخالق فعاملوه قبل كل شيء بما يعاملكم به من الأدب، وكذا كونوا مع بقية الخلق.


الصفحة التالية
Icon