ولما كان الإنسان راعياً لأهل بيته مسؤولاً عن رعيته قال تعالى :﴿وأهليكم﴾ من النساء والأولاد وكل من يدخل في هذا الاسم قوهم ﴿ناراً﴾ بالنصح والتأديب ليكونوا متخلقين بأخلاق أهل النبي ـ ﷺ ـ كما روى أحمد والطبراني عن سعيد بن العاص ـ رضى الله عنه ـ رفعه :" ما نحل والد ولداً أفضل من أدب حسن " ولما كانت الأشياء لا تعظم في نفسها وعند المخبر بها إلا بإخباره بما يشتمل عليه من الأوصاف قال :﴿وقودها﴾ أي الذي توقد به ﴿الناس والحجارة﴾ أي ألين الأشياء وأصلبها، فما بين ذلك هو لها وقود بطريق الأولى.
ولما وصفها بغاية الأدب في الائتمار أتبعه وصف القُوَام فقال معبراً بأداة الاستعلاء دلالة على تمكنهم من التصرف فيها :﴿عليها ملائكة﴾ أي يكون أمرها على سبيل الاستعلاء فلا تعصيهم شيئاً لتأديب الله لها ﴿غلاظ﴾ أي في الأبدان والقلوب فظاظة على أهلها لاستحقاقهم لذلك بعصيانهم الملك الأعلى.
ولما كان الغلظ قد يكون مع الرخاوة قال :﴿شداد﴾ أي في كل شيء يحاولونه بالقول والفعل حتى روي أن الواحد منهم يلقي بالدفعة الواحدة في النار من الكفار سبعين ألفاً.
ولما كان المعنى أنهم يوقعون غلظتهم وشدتهم بأهل المعاصي على مقادير استحقاقهم.
بين ذلك بما يخلع القلوب لكونه بأمر الله تعالى فقال :﴿لا يعصون الله﴾ أي الملك الأعلى في وقت من الأوقات ﴿ما أمرهم﴾ أي أوقع الأمر لهم به في زمن ما.