قوله تعالى ﴿لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (١٢٣)﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما أخبر تعالى عما أعد لهم ولمن أضلهم من العقاب وعما أعد للمؤمنين من الثواب، وكانوا يمنون أنفسهم الأماني الفارغة من أنه لا تبعة عليهم في التلاعب بالدين، لا في الدنيا ولا في الآخرة، ويشجعهم على ذلك أهل الكتاب ويدعون أنهم أبناء الله وأحباؤه، لا يؤاخذهم بشيء، ولا يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى أو من شفعوا فيه، ونحو هذه التكاذيب مما يطمعون به من والاهم بأنهم ينجونه، وكان المشركون يقولون :﴿نحن أكثر أموالاً وأولاداً وما نحن بمعذبين﴾ [ سبأ : ٣٥ ]، ونحو ذلك - كنا قال العاصي بن وائل لخباب بن الأرت وقد تقاضاه ديناً كان له عليه : دعني إلى تلك الدار فأقضيك مما لي فيها، فوالله لا تكون أنت وصاحبك فيها آثر عند الله مني ولا أعظم حظاً، فأنزل الله في ذلك :﴿أفرأيت الذي كفر بآياتنا﴾ [ مريم : ٧٧ ] الآيات من آخر مريم، ويقول لهم أهل الكتاب : أنتم أهدى سبيلاً، لما كان ذلك قال تعالى راداً على الفريقين :﴿ليس﴾ أي ما وعده الله وأوعده ﴿بأمانيكم﴾ أي أيها العرب ﴿ولا أماني أهل الكتاب﴾ أي التي يمنيكم جميعاً بها الشيطان.


الصفحة التالية
Icon