قوله تعالى ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (١٥٩) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٦٠)﴾
" فصل "
قال البقاعى :
قال الحرالي : فانتظمت هذه الآية أي في ختمها لهذا الخطاب بما مضى في أوله من قوله :﴿ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون﴾ [البقرة : ٤٢] فكانت البداية خاصة وكان الختم عاماً، ليكون ما في كتاب الله أمراً على نحو ما كان أمر محمد ـ ﷺ ـ ومن تقدمه من الرسل خلقاً لينطبق الأمر على الخلق بدءاً وختماً انطباقاً واحداً، فعم كل كاتم من الأولين والآخرين - انتهى. ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٢٨٨﴾
وقال ابن عرفة : ووجه المناسبة هنا أنه لما تقدم الإخبار بحكم شرعي عقبه ببيان عقوبة العالم إذا كتم علمه. أ هـ ﴿تفسير ابن عرفة حـ ٢ صـ ٤٧٥﴾
سبب نزول الآية
قال أبو جعفر : يعني بقوله :" إنّ الذين يَكتمون مَا أنزلنا منَ البينات"، علماءَ اليهود وأحبارَها، وعلماءَ النصارى، لكتمانهم الناسَ أمرَ محمد ـ ﷺ ـ، وتركهم اتباعه وهم يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل. أ هـ
﴿تفسير الطبرى حـ ٢ صـ ٢٤٩﴾
وجه هذا القول كما ذكره الإمام الفخر :
واحتج من خص الآية بأهل الكتاب، أن الكتمان لا يصح إلا منهم في شرع نبوة محمد عليه الصلاة والسلام، فأما القرآن فإنه متواتر، فلا يصح كتمانه، قلنا : القرآن قبل صيرورته متواتراً يصح كتمانه، والمجمل من القرآن إذا كان بيانه عند الواحد صح كتمانه وكذا القول فيما يحتاج المكلف إليه من الدلائل العقلية. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢ صـ ١٤٨﴾
وأجاب ابن عادل عن هذه الوجه بقوله :
والجواب : أنَّ القرآن الكريم قبل صَيْرُورَتِهِ متواتراً يَصِحُّ كتمانُهُ، والكلامُ إنَّما هو فيما يحتاج المكلَّف إليه. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٣ صـ ١٠٤﴾