قوله تعالى :﴿الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (١٩٤)﴾
مناسبة الآية لما قبلها
ولما أباح تعالى القتال في كل مكان حتى في الحرم وكان فعله في الأشهر الحرم عندهم شديداً جداً ثار - العزم للسؤال عنه فقال معلماً لهم ما يفعلون في عمرة القضاء إن احتاجوا على وجه عام :﴿الشهر الحرام﴾ وهو ذو القعدة من سنة سبع إن قاتلتموهم فيه لكونهم قاتلوكم في شهر حرام ﴿بالشهر الحرام﴾ الذي قاتلوكم فيه وهو ذو القعدة سنة ست حيث صدوكم فيه عن عمرة الحديبية. ولما أشعر ما مضى بالقصاص أفصح به على وجه أعم فقال :﴿والحرمات﴾ أي كلها وهي جمع حرمة وهي ما يحفظ ويرعى ولا ينتهك ﴿قصاص﴾ أي تتبع للمساواة والمماثلة. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٣٦٦﴾
وقال صاحب التحرير والتنوير :
جملة مستأنفة فصلت عن سوابقها لأنه استئناف بياني ؛ فإنه لما بين تعميم الأمكنة وأخرج منها المسجد الحرام في حالة خاصة كان السامع بحيث يتساءل عما يماثل البقاع الحرام وهو الأزمنة الحرام أعني الأشهر الحرم التي يتوقع حظر القتال فيها. فإن كان هذا تشريعاً نازلاً على غير حادثة فهو استكمال واستفصال لما تدعو الحاجة إلى بيانه في هذا المقام المهم، وإن كان نازلاً على سبب كما قيل : إن المسلمين في عام القضية لما قصدوا مكة في ذي القعدة سنة سبع معتمرين خشوا ألاَّ يفي لهم المشركون بدخول مكة أو أن يغدروهم ويتعرضوا لهم بالقتال قبل دخول مكة وهم في شهر حرام، فإن دافعوا عن أنفسهم انتهكوا حرمة الشهر فنزلت هذه الآية. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ٢١٠﴾


الصفحة التالية
Icon