قوله تعالى ﴿ فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (٧٦) ﴾

فصل


قال البقاعى :
﴿فبدأ﴾ أي فتسبب عن ذلك أنه بدأ المؤذن أو غيره ممن أمر بذلك ﴿بأوعيتهم ﴾.
ولما لم يكن - بين فتح أوعيتهم وفتح وعاء أخيه - فاصل يعد فاصلاً، فكانت بداءته بأوعيتهم مستغرقة لما بينهما من الزمان، لم يأت بجار، فقال ﴿قبل وعاء أخيه﴾ أي أخي يوسف عليه الصلاة والسلام شقيقه، إبعاداً عن التهمة ﴿ثم﴾ أي بعد تفتيش أوعيتهم والتأني في ذلك ﴿استخرجها﴾ أي أوجد إخراج السقاية التي تقدم أنه جعلها في وعاء أخيه ﴿من وعاء أخيه ﴾.
ولما كان هذا كيداً عظيماً في أخذ أخيه بحكمهم، مع ما توثق منهم أبوهم، عظمه تعالى بالإشارة إليه بأداة البعد والإسناد إليه قال :﴿كذلك﴾ أي مثل هذا الكيد العظيم ﴿كدنا ليوسف﴾ خاصة بأن علمناه إياه جزاء لهم على كيدهم بيوسف عليه الصلاة والسلام، ولذلك صنعنا جميع الصنائع التي أعلت يوسف عليه الصلاة والسلام وألجأت إخوته الذين كادوه بما ظنوا أنه أبطل أمره إلى المجيء إليه إلى أن كان آخرها حكمهم على أنفسهم بما حكموا، ثم علل ذلك بقوله :﴿ما كان﴾ أو هو استئناف تفسير للكيد، وأكد النفي باللام فقال :﴿ليأخذ أخاه ﴾.


الصفحة التالية