قوله تعالى ﴿وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا (١٣١)﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما كان مبنى هذه السورة على التعاطف والتراحم والتواصل، لم يذكر فيها الطلاق إلا على وجه الإيماء في هذه الآية على وجه البيان لرأفته وسعة رحمته وعموم تربيته، وفي ذلك معنى الوصلة والعطف، قال ابن الزبير : ولكثرة ما يعرض من رعى حظوظ النفوس عند الزوجية ومع القرابة - ويدق ذلك ويغمض - لذلك ما تكرر كثيراً في هذه السورة الأمرُ بالاتقاء، وبه افتتحت ﴿اتقوا ربكم﴾ [ النساء : ١ ]، ﴿واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام﴾ [ النساء : ١ ]، ﴿ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم﴾ [ النساء : ١٣١ ].
ولما ذكر تعالى آية التفرق وختمها بصفتي السعة والحكمة دل على الأول ترغيباً في سؤاله :﴿ولله﴾ أي الذي له العظمة كلها ﴿ما في السماوات﴾ ولما كان في السياق بيان ضعف النفوس وجبلها على النقائص، فكانت محتاجة إلى تقوية الكلام المخرج لها عما ألفت من الباطل قال :﴿وما في الأرض﴾ وعلى الثانية بالوصية بالتقوى لأنه كرر الحث على التقوى في هذه الجمل في سياق الشرط بقوله :﴿وإن تحسنوا وتتقوا﴾ [ النساء : ١٢٨ ] ﴿وإن تصلحو وتتقوا﴾ [ النساء : ١٢٩ ] فأخبر تعالى بعد اللطف بذلك السياق أن وصيته بها مؤكدة، لم تزل قديماً وحديثاً، لأن العلم بالمشاركة في الأمر يكون أدعى للقبول، وأهون على النفس، فقال تعالى :﴿ولقد وصينا﴾ أي على ما لنا من العظمة.


الصفحة التالية
Icon