قوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (٩٤)﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما تبين بهذا المنع الشديد من قتل العمد، وما في قتل الخطأ من المؤاخذة الموجبة للتثبت، وكان الأمر قد برز بالقتال والقتل في الجهاد ومؤكداً بأنواع التأكيد، وكان ربما التبس الحال ؛ أتبع ذلك التصريح بالأمر بالتثبت جواباً لمن كأنه قال : ماذا نفعل بين أمري الإقدام والإحجام ؟ فقال :﴿يا أيها الذين أمنوا﴾ مشيراً بأداة البعد والتعبير بالماضي الذي هو لأدنى الأسنان إلى أن الراسخين غير محتاجين إلى مزيد التأكيد في التأديب، وما أحسن التفاته إلى قوله تعالى ﴿وحرض المؤمنين﴾ [ النساء : ٨٤ ] إشارة منه تعالى إلى أنهم يتأثرون من تحريضه ﷺ وينقادون لأمره، بما دلت عليه كلمة " إذا " في قوله تعالى :﴿إذا ضربتم﴾ أي سافرتم وسرتم في الأرض ﴿في سبيل الله﴾ أي الذي له الكمال كله، لأجل وجهه خالصاً ﴿فتبينوا﴾ أي اطلبوا بالتأني والتثبت بيان الأمور والثبات في تلبسها والتوقف الشديد عند منالها، وذلك بتميز بعضها من بعض وانكشاف لبسها غاية الانكشاف ؛ ولا تقدموا إلا على ما بان لكم ﴿ولا تقولوا﴾ قولاً فضلاً عما هو أعلى منه ﴿لمن ألقى﴾ أي كائناً من كان ﴿إليكم السلام﴾ أي بادر بأن حياكم بتحية افسلام ملقياً قياده ﴿لست مؤمناً﴾ أي بل متعوذ - لتقتلوه.