قوله تعالى ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (٨٢)﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما كان سبب إبطانهم خلاف ما يظهرونه اعتقاد أنه ﷺ رئيس، لا يعلم إلا ما أظهروه، لا رسول من الله الذي يعلم السر وأخفى ؛ سبب عن ذلك على وجه الإنكار إرشادهم إلى الاستدلال على رسالته بما يزيح الشك ويوضح الأمر، وهو تدبر هذا القرآن المتناسب المعاني المعجز المباني، الفائت لقوى المخاليق، المظهر لخفاياهم على اجتهادهم في إخفائها، فقال سبحانه وتعالى دالاً على وجوب النظر في القرآن والاستخراج للمعاني منه :﴿أفلا يتدبرون﴾ أي يتأملون، يقال : تدبرت الشيء - إذا تفكرت في عاقبته وآخر أمره ﴿القرآن﴾ أي الجامع لكل ما يراد علمه من تمييز الحق من الباطل على نظام لا يختل ونهج لا يمل ؛ قال المهدوي : وهذا دليل على وجوب تعلم معاني القرآن وفساد قول من قال : لا يجوز أن يؤخذ منه إلا ما ثبت عن النبي ﷺ، ومنع أن يتأول على ما يسوغه لسان العرب، وفيه دليل على النظر والاستدلال.